وبعد قليل عاد يتبعه أخوته الأربعة وهم جميعا في حلة الصيد من سترة مقفلة وسروال قصير وقد لفّوا حول الساق (القلاشين) ووضعوا فوق الرأس قبعات كبيرة على نحو ما يلبسه المهندسون زمن الصيف، فجلسنا نتجاذب أطراف الحديث، وفي نحو الساعة التاسعة والنصف دق الباب فصاحوا جميعا: ها قد أقبل الشيخ محمد - ثم دخل رجل في لباس بدوي فاستقبلوه باحتفاء وترحاب وبعد ان استوى في مجلسه سأل عن الجمال فقيل له أنها بارحت المكان منذ ساعة ثم نظر إليّ وقال من هذا الصغير؟ فقيل له ابن أخت احمد بك، فمال نحوي وقال بلهجة عذبة هل تصاحبنا يا آخي؟ فقلت نعم. فقال هكذا يكون الشباب يا سادة! - كان الرجل يكلمني وأنا مأخوذ فلم أر فيه إلا وجها صغيراً تحيط به لحية خفيف، وجسماً نحيلا وقامة قصيرة.
وفي تمام الساعة العاشرة وقف الشيخ محمد وتناول بندقيته وثبتها على ظهره وفعل مثله الآخرون ثم قال هيا بنا يا سادة. توكلنا على الله!، فخفق قلبي خفقاشديدا ثم تقدمنا وسرنا خلفه في صفوف.