للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المتقنة، وكانت طبعت في دور آخر من أدوارها الماضية تاريخ مصر لأبن إياس في ثلاثة مجلدات مع الفهارس، و (التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية) لأبن جيعان، و (تاريخ الفيوم وبلادها) للنابلسي الصفدي و (الانتصار لواسطة عقد الأمصار) لابن دقماق وغيرها.

هذا عمل دار الكتب اليوم وأمس، ورأيت بعض الغيورين على العلم ينتقدون عليها بطأها في إخراج الكتب للناس، وما عمل هذه الدار بما تنشر من الأسفار الممتعة إلا عمل علمي محض يراد منه إحياء ما قد يتعذر على الأفراد إحياؤه من الأمهات العربية، على غاية من العناية بالتصحيح، مع معارضة النسخ المختلفة بعضها ببعض، والتعليق على محال الإشكال من النسخ الأصلية المعتمدة، وشرح ما يجب شرحه من المشكلات اللغوية والأدبية والتاريخية والجغرافية وغيرها، وهو عمل شاق لا يدرك مبلغ خطورته إلا من عاناه؛ فقد يتوقف الناشر في صفحة محيت بعض كلماتها، أو طمست بعض سطورها أياماً كثيرة ويتقاضاه إثبات الرواية الصحيحة أوقاتاً، لو كان له أن يصفها كما يشاء لكتب رسالة مطولة في فن من الفنون. فإحياء كتاب من هذا الطراز، فيه ما فيه من الغموض واللبس أصعب من تأليف كتاب، ذلك لأن مصححه مقيداً بالنص ومقيد بالرسم والخط ومقيداً بالأمانة، ليس له أن يبدل على هواه كلمة بكلمة، ولو رأى ما ذهب إلى ذهنه أحق بالاتباع والإثبات. ولو كان عمل الدار تجارياً لأخرجت كل شهر بضعة مجلدات، ولكن ماذا تكون قيمتها العلمية؟.

أما من يتبجحون بأن بعض منشورات الدار لا تخلو، مع هذه الغاية البالغة، من أغلاط وتهاون، فجوابنا لهم أن يتفضلوا وينشروا لنا رسالة صغيرة للقدماء، في مثل هذه الصورة اللائقة التي تصدر بها مطبوعات دار الكتب، وعندئذ يحكم العارفون لهم أو عليهم. والدعوى الطويلة العريضة في خلوة غير العمل السديد، والنقد سهل والصعوبة في الإبداع.

وأي خدمة أعظم من الخدمات التي تقوم بها دار الكتب المصرية للآداب العربية، وكثير مما طبعته مَعْلمات أو إنسيكلوبيذيات في الأدب والإنشاء والعلوم. فالشكر للأستاذ المربي محمد أسعد بك برادة مدير دار الكتب على عنايته بالدقيق والجليل في ديوانه، ولإخوانه ومعاونيه الأساتذة المحققون: السيد محمد الببلاوي، وزكي العدوي، والشيخ محمد عبد الرسول، والشيخ أحمد الزين وغيرهم من الناظرين في الكتب. والشكر الكثير لمجلس دار

<<  <  ج:
ص:  >  >>