وإن غَنِيَّ الناس من أنت ذخره ... وأيُ غِنى يغني وضوؤك نازح
وسائل من جدواك أنت استثرتها ... وتُفْتَقُ إن لحتَ النهى والقرائح
وكم لك دون النفس وحي وهمسة ... إذا نطقت تَعْيَا اللغاتُ الفصائح
وكم من غريق أسقط الجهد كفه ... فما لحت إلا وهو في اليَمَّ سابح
منحت حياة مرة بعد مرة ... وتبخل بالعيش النفوس الشحائح
ورب حبيس أنزل السجن ظلمة ... عليه ونور منك في السجن لائح
أيا طائراً يشدو وفي النفس أَيْكُهُ ... فيخفت فيها يأسها المتناوح
ويا آسِىَ الأحزان والظلم والضنى ... ولولاك أعْيَا الطب مودٍ وطائح
تَخَلَّلُ أَنَّات الشقاء ونوحه ... فتعذب في الأسماع حتى المنائح
خلعت على الأيام أحسن خلعة ... فيخفي بعيش شره والمقابح
سقيت فأنسيت المؤجل من ضنى ... ومن وخط شيب في غد وهو واضح
وأنسيت أن الشر حتم مقدر ... وأن المنايا غاديات روائح
تضاحك في يأس ونحس وكربة ... كأن الرزايا عابثات موازح
بها مؤنس من طيب عهدك عامر ... بشائر في لأوائها ومفارح
وتخلق منك النفس دنيا سنية ... وفي أفق منها النجوم اللوائح
مباديك شتى كالأزهر جمة ... ففي كل حال موطن منك صالح
أيا سحر إنْ لم تُغْنِ فالسحر كاذب ... مغاليقه فيما تريد مفاتح
تعللنا بالسعد من بعد ميتة ... فتحسن في مرآك حتى الضرائح
عبد الرحمن شكري