للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيها من قبل، وزادتها طبيعتها الزهو بهذا الرجل، فتكون معه في حالة كحالة أكمل امرأة؛ بيد أن كمال الحلم الذي يستيقظ وشيكا، فأن الرجل الكامل يكمل بأشياء، منها وا أسفاه! منها ابتعاده عنا

ثم قالت: وصاحبك هذا منذ رأيته، رأيته كالكتاب يشغل قارئه عن معاني نفسه بمعانيه هو. . . .

وضحكت أنا لهذا التشبيه، فمتى كان الكتاب عند هذه كتاباً يشغل بمعانيه؟ غير أني رأيتها قد تكلمت واحتفلت، وأحسنت وأصابت، فتركتها تتحدث مع الأستاذ (ح) وغبت عنهما غيبت فكر؛ وأنا إذا فكرت انطبق علي قولهم: خل رجلا وشأنه، فلا يتصل بي شيء مما حولي. وكأن كلامها يسطع لي كالمصباح الكهربائي المتوقد، فقدمها فكرها إلي غير ما قدمت إلي نفسها، ورأيت لها صورتين في وقت معا، إحداهما تعتذر من الأخرى. . . . .

وكنت قبل ذلك بساعة قد كتبت في تذكرة خواطري هذه الكلمة التي استوحيتها منها: لأضعها في مقالة عنها وعن أمثالها وهي هذه الكلمة:

إذا خرجت المرأة من حدود الأسرة وشريعتها، فهل بقي منها إلا الأنثى مجردة تجريدها الحيواني المتكشف المتعرض للقوة التي تناله أو ترغب فيه؟ وهل تعمل هذه المرأة إلا أعمال هذه الأنثى؟

وما الذي استرعاها الاجتماع حينئذ فترعاه منه وتحفظه له، إلا ما استرعى أهل المال أهل السرقة؟ إن الليل ينطوي على آمتين: أولئك اللصوص، وهؤلاء النساء

وكيف ترى هذه المرأة نفسها إلا مشوهة مادامت رذائلها دائما وراء عينيها، وما دام بازاء عينيها دائما الأمهات والمحصنات من النساء، وليس شأنها من شأنهن؟ إن خيالها يحرز في وعيه صورتها الماضية من قبل أن تزل، فإذا خلت إلى نفسها كانت فيها اثنان إحداهما تلعن الأخرى، فترى نفسها من ذلك على ما ترى

وهي حين تطالع مرآتها لتتبرج وتحتفل في زينتها، تنظر إلى خيالها في المرآة بأهواء الرجال لا بعيني نفسها، ولهذا تبالغ أشد المبالغة؛ فلا تعنى بأن تظهر جميلة كالمرأة، بل مثمرة كالتاجر. . . وتكسبها بجمالها يكون أول ما تفكر فيه، ومن ذلك لا يكون سرورها بهذا الجمال إلا على قدر ما تكسب منه؛ بخلاف الطبع الذي في المرأة، فان سرورها

<<  <  ج:
ص:  >  >>