الهجري؛ إذا نظمت ولخصت في فهرس دقيق جامع، تكون مرجعاً نفيساً لتاريخ مصر الإداري والاجتماعي والاقتصادي والقضائي في هذه العصور
وتوجد ثمة في هذا الميدان مهمة علمية أخرى تستطيع دار الكتب والجامعة المصرية والجامعة الأزهرية أن تضطلع بها، هي نشر طائفة من الآثار والمصادر الإسلامية والمصرية الجليلة مما تغص به دار الكتب المصرية. ولقد أخرجت لنا مطبعة بولاق ثبتا حافلا من هذه الآثار الجامعة في أواخر القرن التاسع عشر، فكانت مأثرة علمية جليلة لولاها لبقيت المكتبة العربية عاطلة حتى يومنا من أمهات المصادر والمراجع الكبرى؛ وقد أرادت دار الكتب أن تستمر في الاضطلاع بهذه المهمة، وما زالت تعمل لإخراج بعض الموسوعات والآثار الجليلة؛ وقد أخرجت بعض هذه الآثار، ولا سيما موسوعة (صبح الأعشى) للقلقشندي، ولكن عملها في ذلك بطيء جدا، ينقصه الطابع العلمي قبل كل شيء؛ ومن الواجب أن تنظم هذه المهمة تنظيما علميا، وأن تشرف على أدائها هيئة فنية قديرة، ومن الواجب أن تضاعف الجهود لإخراج هذه الآثار والموسوعات في فترات معقولة، إذا ما زلنا نتلقى أجزائها في فترات متباعدة، وقد يستغرق إخراج الجزء الواحد عامين أو ثلاثة. ثم إن الجامعة المصرية والجامعة الأزهرية تستطيع كلتاهما أن تقوم في هذا السبيل بمجهود قيم؛ ولا نعلم أن إحدى الجامعتين قامت إلى اليوم بإخراج شيء يذكر من الآثار الإسلامية المخطوطة، هذا بينما ترى الجامعات والهيئات العلمية الأوربية والأمريكية تشرف باستمرار إلى إخراج الكثير من هذه الآثار؛ ويكفي أن نذكر في هذا الصدد أن كتاب (النجوم الزاهرة) لأبي المحاسن بن تغري بردى الذي تقوم الآن بإخراجه دار الكتب المصرية، قد أشرفت على إخراجه منذ أكثر من عشرين عاما جامعة كاليفورنيا الأمريكية، وقد تولى نشره وتحقيقه المستشرق الأمريكي وليم بوير؛ وان الجزء الفاقد من تاريخ مصر لابن اياس الذي أخرجته مطبعة بولاق منذ أربعين عاما، تولى إخراجه الأستاذ باول كاله الألماني بإشراف جمعية المستشرقين الألمانية وهكذا. ومن واجب مصر، باعتبارها زعيمة الثقافة العربية والإسلامية أن تأخذ بنصيبها من حركة أحياء الآثار الإسلامية على يد هيئاتها العلمية الكبرى، وفي مقدمتها الجامعتان المصرية والأزهرية. ولا ريب أن إشراف الجامعتين الكبيرتين على هذه الحركة يسبغ عليها قسطا من الطابع العلمي الذي ننشده