النزاع الديني واختلفت فيه العقائد، حتى أصبحت مصدر شقاء وينبوع استبداد ساد إنكلترا قرناً من الزمان. ولنراجع في الفقرات التالية صفحات التاريخ فنرى كيف انتشرت البروتستنتية في إنكلترا، وبأية صورة كان نشوءها وتطورها
كلنا يعرف أن الملك هنري الثامن أراد طلاق امرأته الأسبانية كاترين لعشقه غادة من غادات البلاط، كانوا يسمونها (آن بولين) ولم يكن في الإمكان في ذلك العصر تحقيق تلك الرغبة الجامحة، فما وسع هنري إلا أن يحدث نزاعاً أشتد أمره مع رئيس الكنيسة الأعلى وحامي حماها في الشرق والغرب. طغت عليه الروح الاستبدادية روح العظمة والتفوق، فحدثته نفسه بالانفصال عن كنيسة رومة، ولم يلبث أن أعلن ذلك الانفصال ونصب نفسه رئيساً أعلى للكنيسة الإنكليزية
ولم تكن هذه الحركة في بدء أمرها إلا حركة سياسية محضة لم يشبها شائب من الدين والعقائد، ولكن ما لبث أن فارق هنري دنياه ونصب ولده الطفل أدوارد ملكاً على عرش بريطانيا، فكان له من الأنصار والمساعدين نفر أشبعت نفوسهم بروح البروتستنتية فأعلنوا أن الكنيسة الإنكليزية قد غدت منفصلة تمام الانفصال عن الكنيسة الكاثوليكية ووضعوا كتابين من كتب الصلاة ليقرأ في الكنائس بدلاً من الكتب القديمة
حركة جريئة أعقبتها فترة إحجام ورد فعل. مات إدوارد فتبوأت ماري تيودور العرش وكان لتربيتها الكاثوليكية اثر عظيم في نفسها ما لبث أن دفعها للإعلان عن فساد جميع القوانين التي ظهرت في عهد سلفها، وعن رجوع الكنيسة الإنكليزية إلى الحظيرة الكاثوليكية. ولتحقيق تلك الرغبة في نفسها سنت قانوناً تحتم فيه على كل قس أو راهب أن يرجع إلى الحظيرة القديمة وإلا كان جزاؤه الموت والعذاب
أخيراً انتقلت تلك الملكة الغاشمة إلى جوار ربها وارتقت اليصابات العرش. ونظراً لروحها الاستقلالية ولميلها إلى الطموح والعظمة لم تلبث أن أعلنت بعد مرور سنة من تسنمها العرش الانفصال التام عن الكنيسة البابوية وتنصيبها نفسها رئيسة عليا للكنيسة الإنكليزية
لو أتيح لنا الاطلاع على كثير من الرسائل الشخصية التي كتابها الشاعر العظيم لأصدقائه وأخدانه لأمكننا الوقوف على عقائده وأفكاره الدينية، هناك أمور عدة تحملنا على الاعتقاد بأن شكسبير كان رجلاً ديناً خيراً، ولكن حرية فكره كانت سبباً دائماً في انشغاله بأسئلة لا