وانطلق بين الصفوف فلقى نسطور وأجاكس وبالاميديز وغيرهم وغيرهم من زعماء الجيش ورؤوس فيالقه، فحذرهم (من الانخداع بكلمات اجاممنون، لأنها حيلة يريد بها القائد سبر عزائمهم، واختبار هممهم، كما تحدثت إليه مينرفا!!
وحضهم على التضحية والصبر، وحرضهم على الجلد والاستبسال، وذكرهم بعهودهم ونظر الدنيا جميعا إليهم، ثم حذرهم من العار السرمدي الذي يتربص بهم إذا عادوا من دون أن يفتحوا طروادة!. . .
وتغيرت الحال!
وتجددت روح الحرب، وفتح كل جندي عينيه على مجد الوطن! ونجح أوليسيز!
ونجحت مينرفا!
ودهش أجاممنون لهذا التحول المفاجئ في نفسية الجيش، تلك النفسية التي كانت منذ لحظة، فقط، مزيجا من القنوط واليأس، وخليطا من السرور المخامر لمجرد الأيذان بالعود إلى الوطن؛ فصارت تضطرم تشوقا إلى الحرب، وتتحرق شوقا إلى امتشاق السمهريات الظوامي!
وما وسعه إلا أن يثني على شجاعة الجنود، و. . . عدم استسلامهم، و. . . ترفعهم عن الاستكانة والاستخذاء!!
فكان تحوله أعجب. . . وموقفه بين عشية أو ضحاها أغرب!
ونظر الطرواديون من كوى أبراجهم فراعهم التفاف الهيلانيين بمدينتهم، وإحاطتهم بها من كل جانب، وسر الرعب في قلوبهم، ودعوا ثبورا كثيرا!!
وكان يحنقهم أن باريس الذي جر عليهم كل ذلك الكرب وكان السبب العقيم لهذه الحرب، يقر في مخدعه الوثير يداعب هيلين المنحوسة ويلاعبها، ويساقيه كؤوس الهوى والغرام غير آبه لما يغص به قومه من كؤوس الردى والحمام!
وخرج باريس لشأن من شؤون لهوه، وعبث باطل من أغراض غرامه الدنيء، فسمع الناس يلغطون ويلمزون، ويلوكو اسمه بألسنة الهوان والتحقير، فثار ثائره، وفارت حماسته وأقسم ليرين من ضروب شجاعته ما تنخلع له قلوبهم وتطير من هوله ألبابهم. . .