وهو يُطْرِى الحياة بُقيا على الكيد وذعراً يكون منه الثناء
بين أمرين يدرج الناس طراً ... جوع بطن أو أن يكون امتلاء
ومن الجوع أو حذاراً له أو ... خشية الموت كم قسا الأحياء
وامتلاء يصير شهوة جسم ... يهتك الطهرَ حفزها والمضاء
هَيِّنٌ بعدها إذا ما الضحايا ... نال منها نحس ونال شقاء
خمص بطن ونهمة وحذار ... واحتيال وقسوة ورياء
ذلك العيش ثم ما كان من خي ... ر بَكِىٍّ لولاه عيف البقاء
وقتالٌ على الحياة دعاه ال ... حيُّ فضلاً يبغي به ما يشاء
ذاك فضلُ إذا أساء ولكن ... هو نقص في الناس حين يُساء
ولو أن السبيل للموت سهل ... لم تكن عنه نجوة أو عزاء
فاحمد العيش إن حبك للعي ... ش مُلِحٌّ مما تمادى العناء
إنَّ أقوى الرجاء ما تعرف النف ... س وإنَّ قَبَّحَ الحياةَ الذكاء
لم يعفها وإنما شاء أن يُبْ ... صِرَ قدماً من حسنها ما يشاء
دائب بَصَّرَ الأنام بما جَ ... مَّلَ عَيشاً ووصفة إِغراء
والذي يكلأ الحياة على العل ... م بها لا تروعه الأشياء
يمدح المرء مثل ما حاز من فض ... ل فإنْ زاد كان منه هجاء
فقليل ما تصدق النفس قولاً ... وكثير من أجل ذاك المِراء
مهجة الحاسدين في سورة الأح ... قاد والبغض مهجة هوجاء
ساء فعلٌ منهم فساءت ظنون ... والورى في طباعهم شركاء
سوء ظن الأنام طبع ولكن ... مقلة الظن مقلة حولاء
كل حي أمامه ما جنى الخص ... م يراه وما جناه وراء
وعجيبٌ أن يُحْسَد المرء حتى ... بعد أنْ لم تَدمُ له النعماء
أي نفس من أنفس الناس عافت ... حسداً للقلوب منه اكتواء
لا بل الفضل إنْ تضاءل ما في ال ... نفس منه ولم يكن إيذاء
كلهم ذلك الحسود ولكن ... هَيّنٌ ما بدت به الفضلاء