فيها الزيتون وينقى الزيت بعدة عمليات، ثم يوضع في صفائح ويصدر؛ وإنتاج المصنع آخذ في الزيادة، ولذلك تفكر الوزارة في توسيعه باطراد. وللأهلين كثير من المعاصر الخاصة للزيت ومساطح البلح الذي يعدون منه (العجوة) السيوي الشهيرة؛ أما باقي أنواع الفاكهة فلا يكادون يستفيدون منه تجارياً، حتى البيع لأهل الواحة نفسها غير مباح، ذلك لأن المالك يعد بيع الثمار للناس معرة لا تليق بكرامته، ولكل إنسان أن يدخل البساتين ويأكل منها ما يشاء بدون مقابل، ولكن ليس له أن يحمل إلى الخارج شيئاً منها إلا في حالات خاصة، عندما يريد المالك تقديم الهدايا من ثمار حديقته لبعض ذوي المكانة والجاه من الغرباء أو الأهلين. ولم أدرك من صنوف الثمار شيئاً، اللهم إلا أردأ أنواع البلح هنالك ويسمونه البلح الفراوي، أما البلح الممتاز المسمى الصعيدي، والذي يليه جودة الفريحي فلا يزال فجاً غير ناضج.
أذكر أنا دخلنا بستاناً وتفيأنا بشجرة، وكانت الأرض تحت النخيل يكاد يفرشها ذاك البلح الرديء (الفراوي) فطلب الأخ حشمت إلى الرجل أن يذيقنا أطيب ذاك البلح، فاعتلى الرجل النخلة وهز عرجونها، فأمطرت وابلاً من رطب أصفر كبير، فأقبلنا ننتقي منه أطيبه ونغسله في ماء النبع حولنا ونأكله، فكان لذيذاً شهياً، وما كدت أمتدحه حتى سارع الرجل بالاعتذار بأن الأنواع الجيدة لما تنضج بعد، وأن هذا النوع الذي نأكله غير جدير بنا، لأنه عندهم طعام الحمير! وقد علمت أنهم حقاً يقدمونه علفاً للحمير، والنوى تأكله المعزى.
وأكبر عيون الواحة عين قريشت التي تبعد عنها بنحو عشرين كم، ثم عين تاخررت التي تنفجر بقوة هائلة ويتدفق منها ٤٠٠٠ طن يومياً يضيع جله في متسعات الملاحة بالبحر؛ ثم عين الشفا، وتقول خرافة قديمة إنها كانت متصلة بالجن، خاضعة لعبثهم، ثم اكتسبت هبة سحرية هي شفاء الأمراض كافة، لذلك يكاد يغتسل فيها الناس جميعاً كل يوم، فالنساء يقمن مبكرات ويغسلن أجسادهن دون رأسهن احتفاظاً بجمال الشعر أفخر آيات تجملهن، ثم يعقبهن في ساعة متأخرة الرجال؛ والعين التي يستقي منها الناس جميعاً عين تأبه أمام مركز البوليس؛ وكم كان يروقني منظر الناس وبخاصة النساء وهن يردن تلك العين في بكرة الصباح وعند الأصيل يملأن جرارهن! هذه سيوية في نصف سفور، وقد ارتدت