ذكرت يا سيدي أثراً من آثار صلاح الدين الصفدي بعدد (الرسالة) العشرين بعد المائة ودللت على فضل الرجل وعلى أثره في الأدب العربي، فهل تدري يا سيدي ابن يرقد هذا الرجل الفذ؟ إن قبره في مدينة صفد (فلسطين) قبر متهدم، في حارة لليهود، في بقعة لا تزيد على خمسين متراً مربعاً. . . أتريد أن تعلم أكثر من ذلك؟ - إن جيرانه لا يأنفون أن. . . يقذفوا قبره بزبالة بيوتهم.
قبر مندرس، في مكان ضيق قذر، مجهولة قيمة ساكنه، لا يزار ولا يعرفه إلا القليل، وما كان ليعرفه كل من يعرفه الآن لولا زيارة المرحوم شيخ العروبة له قبل عشر سنوات، والتبرع. . . ببناء جدار حوله!
منذ الحرب حتى يومنا هذا لم يزر قبر (إمام عصره) من الأدباء إلا المرحوم أحمد زكي باشا، فهل هذا هو التقدير لأدبائنا؟ أمة تنشد الحياة والاستقلال وإحياء الماضي العزيز، أيليق بها أن تهمل قبور رجال العلم والأدب فيها لتصبح. . . مزابل؟ قارن بين وستمنستر والبانطيون و (مقبرة) صلاح الدين تعلم السر في الفرق بين من أدباؤهم السابقون في وستمنستر، ومن قبور أدبائهم كقبر ابن أيبك!
ها قد مر على رقدة صلاح الدين الأخيرة خمسمائة وتسعون سنة كاملة، وبعد عشرة سنوات تبلغ الستمائة، فماذا أعددنا لإحياء ذكراه الستمائة؟ في وقت يقيم الغربيون المهرجانات الكبيرة لأحياء ذكر أدبائهم في كل عام! عسى ألا تمر العشر السنوات الباقية لذكرى الستمائة سنة لوفاته وقبر مهمل قذر لا يزار.
(صفدي)
نظريات الجنس والسلالة والخصومة السامية
اتخذت نظريات الجنس والسلالة في العهد الأخير أهمية خاصة؛ فهي اليوم روح النظام الذي يسود ألمانيا، وقد أخذت تثير في بعض الدول الأخرى جدلاً لا نهاية له؛ وقد كان اليهود ضحية هذه الفورة التي اتخذت في ألمانيا أشكالاً من العنف والهمجية تذكرنا بروح العصور الوسطى وأساليبها؛ على أن نظرية الجنس وتفوق السلالة لم تقف عند اضطهاد