الراقصة الشهيرة حيناً من الدهر؛ وعهد بصنعه إلى المثال السويدي الكبير كارل ميلس، وستبلغ نفقاته ثلاثين ألف جنيه؛ وتقرر أن يقام في بستان ريجنت في حديقة الورد، وهي تقع إلى جانب بركة البجع، وهو الطير الذي أوحت حركاته إلى بافلوفا بأشهر وأروع رقصاتها المسماة (رقصة البجع). وتعول اللجنة على جمع المال المطلوب من إيراد (فلم) يمثل حياة بافلوفا في طائفة من أبدع رقصاتها ومنها (رقصة البجعة المحتضرة)؛ وقد أخذت هذه المناظر قبل وفاة بافلوفا بقليل وأشترك فيها مع الفنانة الشهيرة بعض كبار الراقصين الذي عملوا معها.
وتمثل حياة بافلوفا وحدها طوراً من أعظم أطوار الفن الراقص؛ وقد ولدت هذه الراقصة المبدعة في بتروجراد في سنة ١٨٨٥، وتعلمت الرقص في بعض مسارحها، ولم تبلغ العاشرة من عمرها حتى ذاعت شهرتها وتقدمت في سبيل المجد والرياسة الفنية بسرعة مدهشة؛ وكانت فنانة رائعة الإبتكار، وعلى يدها دخلت أوضاع (الباليه) الراقصة في طور جديد وبلغت ذروتها من الافتنان والروعة. وكان الفن لديها وحياً وسمواً. وقد طافت عواصم العالم الكبرى مثل لندن وبرلين وباريس ونيويورك ولقيت فيها جميعاً فوزاً باهراً. وقدمت إلى مصر سنة ١٩٢٩ ففتنت المجتمع المصري برائع فنها ولا سيما برقصة (البجعة المحتضرة) وتوفيت سنة ١٩٣١ في مدينة لاهاي وطويت بوفاتها صفحة من أروع صفحات الفن الحديث.
أرض السعداء
يوجد بين جزائر المحيط الهادي التابعة لإنكلترا جزيرة صغيرة يصح أن تسمى بالجزيرة السعيدة. وتسمى هذه الجزيرة (جزيرة تونجا) وهي إحدى مجموعة جزائر (الأحباب) التي وقف بها الرحالة الشهير (كابتن كوك) أثناء طوافه في أواخر القرن الثامن عشر بهذه المياه الخطرة. وأمير هذه الجزيرة زنجي يسمى البرنس (توفا آهو) وهو شاب في الثامنة عشرة ولكنه طويل القامة جداً، وهو يدرس الحقوق في مبلورن ووجه الرضى والسعادة في (تونجا) هو أنه ليس بها فقير ولا معوز ولا تدفع فيها ضرائب. وكل فرد من سكانها يبلغ السادسة عشرة يعطى أرضاً مساحتها نحو ثمانية فدادين ومسكناً قروياً، أو بعبارة أخرى تهيأ له كل أسباب العيش والرخاء.