والمطاردة؛ ويقول الكاتب كلا بل بسبب الاضطهاد والمطاردة. ثم يقول إن اليهود لم يكونوا قط جنساً أو شعباً متحداً، ومن الخطأ أن نعتقد أن العصبية الدينية هي التي تربطهم وتقوي تضامنهم؛ ذلك أن اليهودية دين سهل، يقبل مختلف التطورات والتفسيرات؛ ولكن اليهود يجتمعون في مسألة واحدة ما زالت قائمة خلال القرون، تلك هي أنهم دائماً موضع البغض والزراية من بني الإنسان؛ وقد أرغموا خلال العصور على أن يناضلوا من أجل حياتهم، فبث فيهم النضال قوة؛ واليهودي يشعر أنه ليس كباقي الناس، ولكنه يحمل دائماً على أن يشعر بأنه يوجد شيء ضده؛ ومن ثم تعلم الحذر والتحوط إلى درجة يدهش لها الجمهور الرفيع.
ويكتب لويس براون بوضوح وسلالة ويستعرض ما في بني جنسه من عيوب وفضائل بروح الاعتدال والإنصاف، ويحلل نظريات الجنس والسلالة بقوة وذكاء، ويفند ما فيها من تحامل وسفسطة، ويتساءل عن المعيار الذي يتخذه دعاة النظرية لتفاضل الجنس والسلالة: أهي المظاهر الخلقية المادية كالجمجمة والفك والشفتين واللون وغيرها، وهذه جميعاً يختلف معيار التفاضل فيها عن مختلف الأجناس والشعوب، وربما فضل الزنجي الرجل الأشقر في بعض تقاطيعه أو خواصه، وربما فضل المغولي الأصفر القصير باقي الأجناس بدقة شفاهه وحمرتها، وهكذا. ولا يحاول لويس براون بأي حال أن يزعم أن لليهود تفوقاً خاصاً، ولكنه يقول فقط إن الجمهور الرفيع لم يترك باباً من أبواب الاضطهاد والمطاردة، لسحق اليهود إلا ولجه، وحيثما ترك اليهودي لنفسه ولم يزعج نراه نسياً منسياً، ولكن حيث يواجهه الصراع والمطاردة نراه قوياً يغالب الحوادث.
وقد أثار كتاب لويس براون في الداوئر السياسية والاجتماعية كثيراً من الاهتمام والجدل؛ وربما كان كتابه أول كتاب من نوعه، يذكرنا بمؤلفات سلفه ومواطنه الكاتب والفيلسوف اليهودي الأكبر (مكس نردو) الذي لفت أنظار العالم منذ ثلث قرن بقوة جدله في نقض أصول المدنية الحاضرة وأكاذيبها الاجتماعية والجنسية والسياسية.
تمثال لحنة بافلوفا
من أنباء لندن أنه سيقام في إحدى حدائقها تمثال بديع للراقصة الروسية الشهيرة حنه بافلوفا، وقد أوصت بصنع هذا التمثال لجنة من محبي الفنون في لندن حيث عاشت