ومن التخريجات الغريبة والتطبيقات التي تنشأ عن القانون الجنائي المصري في هذا الصدد، حالة ما إذا فاجأ الزوج زوجته وشريكها، فحاول قتلهما فقتلته الزوجة أو شريكها، فلا عقوبة على فعلهما لاعتبار ذلك دفاعاً شرعياً عن النفس؛ ثم إنه بعد ذلك لا عقوبة على جريمة الزنا التي اقترفاها إذ فد مات الزوج صاحب الحق في الدعوى ضدهما. ولو حدث أن قتل الزوج زوجته سقط بذلك حقه في الدعوى ضد شريكهما، لأن حظ الشريك مرتبط بحظ الزوجة الزانية فيستفيد مما كان يفيدها. وقد ماتت فالشريك يعتبر بريئاً إذ لا عقوبة عليه إلا إذا حكم على الزوجة، وهذا غير متيسر لموتها.
وكذلك القانون لا يعاقب على جريمة الفسق ولا على تلك الجريمة النكراء الشنعاء: جريمة اللواط متى توفر الرضا إذا كان سنَّ الفتى أو الفتاة أكثر من ست عشرة سنة. فكأن القانون يشجع ذلك بعدم وضع الحظر عليه، بل أكثر من هذا فإنه يقف موقفاً غريباً بالنسبة للقاصر إذا جاوز السادسة عشرة فإنه يبيح له أن يجني ويبيح الجناية عليه. . . . بلا قيد، بينما لا يبيح له الزواج أو التصرفات المدنية إلا برضا وليه أو وصيه حسب الظروف، وهذه مسألة من الخطورة بمكان عظيم إذ تترك الشبيبة الناشئة تتلاعب بها الأيدي والأغراض، وتجرها المفاسد إلى غير مستقر بدون رقيب عليها، وهي عدة المستقبل وآمال الأمة. فإذا كانت هذه الشبيبة على ما يحوطها من المفاسد ويغريها لا يحميها القانون فيا سوءة المستقبل، ويا ضياع الآمال , ومن الواجب المحتم أن يتنبه المشرع إلى هذا النقص التشريعي فيسارع إلى علاجه قبل استفحاله كيلا يتهم بالمساعدة على التدهور الخلقي وعلى إفساد الأمة في أساسها الحي الذي هو الفتى والفتاة.
هذا بعض من كل من الأمثلة الدالة على فُجر القانون والمشجعة لضروب المنكر_قد يقال إن روح القوانين الحديثة أن تتجه نحو الحرص على عدم التعرض بالعقاب للجرائم الأخلاقية إلا في حدود معينة، فلم يعاقب على الرذائل والآثام لذاتها؛ بل لما يترتب عليها من الضرر للأفراد أو للمصلحة العامة. ولكن الرد على هذا سهل يسير وهو: أنه ما من جريمة أخلاقية إلا أصاب الغير ضررها بالذات أو بالواسطة حالاً أو مستقبلاً، وذلك بانتشار الرذيلة الذي يتبعه تأثر الوسط وفقدانه حيويته؛ والذي يتبعه حتماً كنتيجة مباشرة إنهيارُ البيئة الإجتماعية وتفشي الأمراض الخبيثة بينها وازدياد الأدواء المختلفة الجسمانية