ويصحب ظهور الأشباح عادة تغيير في الأنوار، فنرى ريشارد الثالث بتغير في الأضواء قبل ظهور الشبح؛ وفي رواية يوليوس قيصر نرى نفس الظاهرة بجلاء ووضوح، فيرى بروتس تغيراً في ضوء الشمعة يسترعي انتباهه ويهتف قائلاً:(ما لهذه الشمعة قد شحب ضوؤها؟ من القادم؟).
وتظهر الأشباح بصورة عادية مرتدية نفس الملابس التي كان أصحابها يرتدونها قبل موتهم. ففي رواية هملت يظهر الشبح بنفس الأردية التي كان يرتديها الملك قبل وفاته، وهذا ما دعا هورايتو إلى الهتاف قائلاً:(إنه ليشبه والدك تمام الشبه مرتدياً نفس الملابس والأسلحة التي كان يرتديها قبل وفاته؛ وفي رواية مكبث يظهر شبح بانكو بنفس الحلة التي وجد فيها قبل وفاته لساعات قليلة.
ولهذه الأشباح طبائع غريبة وأخلاق شاذة، فهي لا تستطيع احتمال الأسئلة الكثيرة بل تهملها. وفي رواية هنري السادس نرى الشبح وقد ضاق ذرعاً بالأسئلة الكثيرة التي وجهت إليه فأجاب سائله بقوله: (اسأل ما بدا لك ولكني لا أجيب إلا عما أريد الإجابة عنه) ز
وكانت الأشباح تفضل الصمت على الشغب والضوضاء، ولذا نرى بروسبيرو يطلب الهدوء التام عند ظهور الأشباح. وتختلف هذه المخلوقات الغيبية عن سابقتها بكونها لا تستطيع الظهور مطلقاً إلا عند سدول الظلام، فلا يظهر الشبح في رواية هملت إلا بعد غروب الشمس؛ وعندما يشعر باقتراب النهار يفر مسرعاً إلى عالمه العلوي. فالنهار والضوء عدوان لدودان للأشباح.
قال جبسن في ختام بحثه عن الأشباح:(إن المهارة والمقدرة التي أظهرها شكسبير في تصوير الأشباح لما يؤكد لنا اعتقاده الجازم بها) وهذا الحكم الذي يصدره ناقد معروف كجبسن لجدير بالتفكير والبحث. نعم إن شكسبير لم يوفق في بحثه عن الأشباح وتصويرها كما وفق في الساحرات والجنيات؛ فخياله المبدع الذي رأيناه سابفاً لا نشاهده في الصورة الحالية؛ وقد يكون هذا النقص ناتجاً عن عدم اعتقاده بالأشباح؛ خصوصاً وأن الرجل لا يحسن ما لا يؤمن به ويعتقد فيه، فكان بحثه تعوزه المقدرة، وينقصه الخيال الواسع والفكر العميق.