كان من السائد على معتقدات الناس في ذلك العصر أن العفاريت هم من سلالة الآلهة القدامى. وما عفاريت شكسبير إلا صور مصغرة من آلهة الرومان واليونان والفلسفة الشمالية، فهم مصدر شقاء وينبوع آلام. نعم إن مقدرتهم لم تصل إلى تلك الدرجة من القوة التي وصلت إليها مقدرات الساحرات، ولكنهم رغماً عن ذلك كانت لهم القدرة الكافية على الاختفاء بالشكل الذي يريدون.
وفي رواية تايمون أثينا نرى وصفاً مسهباً لهذا النوع من العفاريت عندما يتكلم المهرج قائلاً:(إنها روح شريرة تظهر مرّة بشكل سيد من الأسياد، وأخرى بشكل محام بارع، وثالثة بشكل فيلسوف شهير).
وكانت في بعض الأحيان تتخذ لها وسيطاً من بني البشر، فيكون لهن من روحه مكاناً يقمن فيه، ويعامل هذا الرجل (المسكون) عادة أشد المعاملة وأقساها، فهو عرضة للشتائم وشتى أنواع العذاب والهوان. وفي رواية (مهزلة الأخطاء) نرى بنسن يخبر خليلته بأن زوجها وخادمه قد أصابهما مس من الجنون، وأن العفاريت قد اتخذت من روحيهما مسكناً مريحاً، فمن الواجب إذن القبض عليهما وإيداعهما حجرة مظلمة.
وفي حديث غرامي بين روزاليذ وعاشقها رولاندز في رواية (كما تريد نرى الفكرة نفسها واضحة جلية؛ فهي تقول له: (إن الحب جنون، وما العاشق إلا مجنون يجدر به أن يكون حبيس غرفة مظلمة لا يدخلها الضوء؛ ولكن المحب لا ينزل به هذا النوع من العقاب، لأن الحكام والقضاة قد كانوا في نفس الحالة يوماً ما، ولذا كان من الواجب مداواته بالنصيحة والمشورة).
يندر أن تجد عفريتاً من هذه العفاريت يظهر بشكله الحقيقي على مسرح شكسبير؛ ولا أذكر في رواياته كلها غير مرة واحدة تراءى العفريت فيها للنظارة، وهذه المرة تقع في رواية هنري السادس عندما تدخل العفاريت المسرح بعد إلحاف شديد من الساحر (لابوسيل)، فيقومون بأعمال كثيرة تعد في حكم المستغربة الشاذة، فيدخلون دون أن ينطقوا بأية كلمة، ومن ثم يلقون برؤوسهم إلى الأسفل، ثم يرفعونها مرة ثانية ويغادرون القاعة حيث لا رجعة بعد ذلك.
من هذه الأعمال الغريبة التي كان العفاريت يقومون بها نستنتج أن هذه المخلوقات تعد من