بتركلوس! لا يَدُرْ بخلدك يا صديقي الكريم أنني انتويت أن أغضب غضبةً لا انتهاء لها؛ ولكنني أُمرت أن أنتظر حكم السماء بيني وبين خصمي الذي لم يتورع أن يهتك أمر السماء، فيسلبني ثمرة خلعها رمحي علي، وقدمها لي جيش بأسره. . . هلم يا بتروكلوس فالبس دروعي واسبغ عليك لأمتي، وشرف خوذتي بجبينك، ولأذهب أنا فأعد لك الميرميدون، ولتبرهنوا لناكر الجميل أننا سبب مجده وخير جنده، وذخيرته كلما حز به كرب، أو ألم به خطب
(هلم. . . . . هلم. . . . .)
وانطلق أخيل فصاح بجنوده، فهرعوا إليه في سُفُنِه الخمسين، الراسية بمعزل من سائر الأسطول الهيلاني. . . . وكم كان رائعاً أن يتحرك أسطول أخيل، في أحرج ساعةٍ مرت بهذا الجيش المغير، الذي وقع فريسة كله في قبضة الطرواديين! لقد كان أجاممنون وجنوده ينظرون إلى سفن أخيل؛ وكأنها الخلاص من الموت الذي يلاحقهم، والمنايا التي ترقص فوق هاماتهم، وهي مع ذاك فيما خُيل لهم تزور عنهم، وتشيح عن نجدتهم، لأنهم لؤموا مع زعيمها، وأنكروا عليه ما اعترفت به السماء أنه حقه خالصاً له!
أقلع أسطول أخيل، ولكنه لم يقلع ليفر من واجبه، بل أقلع نحو الشمال ليكون جنده بمأمن، يهبطون إلى الشاطئ من كبسة الصفوف الظافرة، المشغولة باستئصال شأفة الهيلانيين.
وما هي إلا ساعة حتى رسا شمال طروادة، وحتى أخذ سيل الميرميدون ينهمر على شاطئها الشاحب فيملؤه، وكأنهم كِسف من العذاب أرسله نيتيون، رب البحار، من أعماق أليم ليقذف بها في قلوب الطرواديين!
وطفق أخيل يجيشهم، فجعل منهم خمسة جحافل كقطع الليل البهيم؛ فكان على رأس الجحفل الأول البطل الحلاحل، والقائد المناضل، منستيوس بن سبرخيوس، ابن السماء وصاحب العزة القعساء.؛. وعقد لواء الجحفل الثاني لابن هرمز المقدام، الفتى يودوروس، الذي طالما كان جزعاً في فؤاد الردى، ووجلاً في قلوب المنايا!!. ووضع على رأس الجيش الثالث القائد بيزاندر، ابن ميمالوس، صفي الآلهة وهبة الأولمب. وأقام على الجيش الرابع صديقه فونيكس، الذي آثر البقاء إلى جانب أخيل حين أقبل مع أوليسيز وأجاكس، يفاوضون في الصلح من قبل أجاممنون؛ أما الجيش الخامس فقد عقدت رايته لابن ليرسيز،