المهاجرة، وسير المواليد، ويثبت فيه كل المعاهدات التجارية، ويتحدث طويلاً عن سياسة روسيا ونشاطها. والكتاب بموضوعه وتدليله يعتبر وثيقة هامة في التاريخ السياسي والاقتصادي المعاصر.
محنة الصحافة الألمانية في ظل الإرهاب الهتلري
من أنباء برلين الأخيرة أن جريدة (كرويتس تسيتونج) الشهيرة (جريدة الصليب) قد احتجبت واختتمت حياتها الصحفية الحافلة. وقد كانت (الكرويتس تسيتونج) من أعظم الصحف الألمانية وأقدمها، وأعرقها في الهيبة السياسية؛ وقد أنشئت سنة ١٨٤٨ لتكون لساناً للحزب المحافظ الذي أنشأه البرنس بسمارك عميد السياسة الألمانية في القرن التاسع عشر؛ وكان شعارها منذ نشأتها العبارة الشهيرة الآتية:(إلى الأمام مع الله، في سبيل الملك والوطن. نحن الألمان نخاف الله، ولا نخاف شيئاً آخر في العالم)؛ وكان هذا الشعار ما يزال يطبع في صدر الصحيفة حتى أيامها الأخيرة أعني حتى ٣١ أكتوبر المنصرم وهو آخر أيام حياتها؛ وكانت عند نشأتها تسمى (نوية برويسشه تسيتونج) أو الجريدة البروسية الجديدة، وقد اختطت لها منذ نشأتها نزعة بروسية محافظة تعبر عن آمال العسكرية والأرستقراطية وكبار الملاك؛ وتظهر صباحاً ومساءً في حجم كبير وتفوق في الانتشار معظم جرائد برلين الكبرى مثل التاجبلات وجرمانيا، والدويتشه الجمينة وغيرها؛ وكانت ما تزال حتى العهد الأخير تتمتع بمركز حسن وذيوع لا بأس به؛ ولكنها كانت تعاني منذ قيام الحكم الهتلري صعاباً جمة في التعبير عن آرائها؛ وكانت من الجرائد القليلة التي لم تقبل أن تخضع لأغلال النازي ونظرياتهم؛ وقد كان مصيرها الإغلاق والمصادرة منذ بعيد لو لم تكن تتمتع بتأييد نفوذ بعض الهيئات العسكرية والمحافظة القوية؛ ولو لم تكن تعتبر أثراً من آثار منشئها بسمارك. بيد أنها رأت أخيراً أنها لا تستطيع المضي في رسالتها تحت تأثير الضغط والوعيد الذي يفرض على الصحافة الألمانية في العهد الجديد، ولهذا آثرت الاحتجاب من تلقاء نفسها. وهكذا تختفي الصحف الألمانية الكبرى واحدة بعد الأخرى وتنحط الصحافة الألمانية تباعاً إلى عداد صحف الدعاية الحزبية. وباختفاء (كرويتس تسيتونج) ينهد ركن متين من أركان الصحافة الألمانية العريقة، وتسجل ضحية صحفية جديدة لحكم الإرهاب السائد في ألمانيا.