للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأكثروا من تلوين الطعام به؛ قال بديع الزمان في إحدى مقاماته: (ومعنا على الطعام رجل تسافر يده على الخوان، وتأخذ وجوه الزعفران).

وكان البغداديون يلونون الطعام ويكرهون أن يقدموه بلا تلوين، ويسمون الطعوم غير الملونة (الطعوم المُعتدَّة) تشبيهاً لها بالمرأة في العدة، لأنهم يكرهون منها أن تلبس الثياب الملونة، فكانوا يلونون الطعام بالزعفران وبالعصفر وهو أصفر أيضاً.

قال ابن حمدون:

هاتوا أطايب ثورٍ فائق سمناً ... كالفيل قدّاً وان عدُّوه في البقر

وسكْبجُوها ووفوها توابلها ... وزَعفروُها وصفوها عن الغير

وصبغوا بالزعفران ملابسهم؛ حكى الأغاني أن الرشيد دخل على أخته علية بنت المهدي في يوم قائظ فوجدها قد صبغت ثياباً بزعفران وصندل وجعلتها على الجبال لتجف، فجعلت الرياح تمر على الثياب فتحمل منها ريحاً بليلة عطرة فوجد لذلك راحة من الحر.

وكتبت جارية على قباء معصفر:

وما البدر المنير إذا تجلى ... هدوا حين ينزل بالعراق

بأحسن من بثينة يوم قامت ... تهادَى في معصفرة رقاق

وقد كثرت أسماء الثياب الصفر فسموا

التَّخمَةَ: الثياب المخططة بالصفرة

والرَّادعة: القميص لُمّع بالزعفران والطيب

والسبنيّة: نسبة إلى سَبَن قرية بنواحي بغداد وهي ثياب من حرير فيها أمثال الأترجّ (الأصفر)

والثياب المحرَّضة: وهي المصبوغة بالاحْريض وهو العصفر.

والثوب المُمصّر: قيل هو المصبوغ بصفرة خفيفة

والثوب الموَرّس: المصبوغ بالوَرْس وهو نبت أصفر يصبغ به.

وأكثر ما كانت العصائب التي تتزين بها النساء عصائب مصبوغة بالزعفران وشيتْ بخيوط من حرير وطرزت بسلوك من ذهب.

وقالوا أجمل شيء غلالة معصفرة على جارية

<<  <  ج:
ص:  >  >>