المتوكلية، ودنانير البرمكية، كن صفراوات مولدات، وسميت دنانير لصفرتها. وقال بعضهم في وصف جمال الصفرة:
وعهدي بها صفراء رود كأنها ... نضى عرق منها على اللون مجسدا
ومدحوا الزهور الصفر والثمار الصفر
فمدحوا الآذَرْيْون وهو زهر أصفر في وسطه خمل أسود، قال فيه ابن المعتز:
كأن آذَرْيُونَها ... والشمسُ فيه كاليه
مداهنٌ من ذهب ... فيه بقايا غالية
كما مدحوا (الخِيريْ) وهو المنثور الأصفر.
وكان عندهم نوع من الياسمين أصفر قال فيه الشاعر:
كأنما الياسمين حين بدا ... يشرق من جوانب الكثب
عساكر الروم نازَلَتْ بلداً ... وكل صُلْبَانها من الذهب
ومدحوا التفاح الأصفر والخوخ الأصفر:
وتغزلوا بصفرة الخمر فقال أبو نواس:
صفراءُ لا تنزل الأحزانُ ساحتها ... لو مسها حجرٌ مسته سراء
ويقول آدم بن عبد العزيز:
إسقني واسقي خليلي ... في مدى الليل الطويل
لونها أصفر صاف ... وهي كالمسك الفتيل
وبالغوا في حب الصفرة حتى كانت القينة أحياناً تلبس الثياب المعصفرة أو المزعفرة وتطلي ما ظهر من يديها ومن عنقها بالورس.
روى بعضهم قال: (رأيت جارية ببغداد وقد طلت يديها بالورس وفي عنقها طبل وهي تنشد:
محاسنها سهام للمنايا ... مُرَيَّشةٌ بأنواع الخطوب).
وكثيراً ما قرنوا هذا اللون بالدلالة على الميل إلى الشهوات والفجور، فقد رأينا ولوع القيان بهذا اللون؛ ورمزوا للخليع بقولهم إنه (يلبس المُوَرَّس) واعتقدوا أن الورس يزيد الميل إلى النساء؛ وقرر ذلك الفيروزآبادي في القاموس وهو المولع دائماً بالنص على ذلك.