للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو طب الملال إنْ أعنت العي ... شُ وغالت غوائل البأساء

وسواء نُجْحٌ وفوتٌ إذا أح ... مدت ما في مسعاته من دواء

والشقي المحروم من لا يرى في ال ... عيش فرضاً ينأى به عن شقاء

ذاك من مات قلبه وهو حي ... وغدت نفسه كقفر خلاء

خاصمته النعماء في كل أمر ... وبدت فيه وحشة البيداء

خيبة المرء أن يمل مُنَاهُ ... لا تمادي الحرمان والإبطاء

ولعل الإبطاء في النجح أهنا ... وقصارى المبذول للإزراء

ويمُلُّ العطاءُ بعد أوان ... كعزوفٍ من طول بُعْدِ الغذاء

والذي لا يمل فرضاً مُعاداً ... كل يوم مُوَفَّقُ السعداء

لا ينال البعيدَ من لا يرى الأد ... نى سبيلاً يُدْنِي إلى البعداء

خطوة إثْرَ خطوة هكذا س ... نة عيشٍ وسنةُ في الجراء

وامتناع الطليب أهون من أنْ ... يندب المرء خيبة الأهواء

هو خطب أدهى من الفوت وقعاً ... وهو داءُ أشد من ذا الداء

كالذي يستطب بالخطب من خط ... ب ويُقْصِي الأدواء بالأدواء

ليس يُدْعَى الرضاء يأساً فكم را ... ضٍ وفي سعيه دبيب الرجاء

والذي يستدر نجحاً من الخي ... بة أحجى برفعةٍ وعلاء

فإذا ما نكصت في العيش فاعْلَم ... ليس في العيش موطن للنجاء

يُدْخِلُ المرء نفسه في الرزايا ... كي يُدَاوَى من رعدة الجبناء

مثلما أسمعوا الجيادَ صليلاً ... كي يهون الصليل في الهيجاء

صاحٍ ما العيش بالمُخَلَّدِ في الده ... ر فترتد ناكصاً للوراء

وإذا ما ارتخصتَ ما هو مبذو ... ل ويا رُبَّ مُرْخَصٍ مِنْ سخاء

فالهواء الحياةُ وهو مُذَالُ ... لو نأى كان مُنْيَةَ الأحياء

لا تَقلْ خيبة الرجاء سموم ... فالشقيُّ الشقيَّ بالأسماء

إنَّ بعض السموم منه دواء ... كدواء الرمداء بالظلماء

وإذا ما هممتَ بالخير لا تو ... لعْ بكسب الإجلال والإطراء

<<  <  ج:
ص:  >  >>