وبتروكلوس مع أجنادهما؛ فكان جماعة يشدون القتيل من قدميه، بينما جماعة أخرى تشده من الرأس، وهم يعفرونه فيما بين هذا وذاك بالتراب، ويلطخونه بالدم!
ووجد أبوللو فرصته!
أبوللو الخائن! أبوللو سيد الشمس الذي لا يستحي! أبوللو الإله الذي يفرق أن يلقى بتروكلوس وجهاً لوجه، فيأتيه من الظهر! كأجبن الجبناء!!
يا للآلهة! ومسكين يا بتروكلوس!!
لقد تقدم أبوللو، مستجمعاً كل قوته في قبضة يمينه الجبارة فأهوى على قفا بتروكلوس بضربةٍ خائنةٍ كضربات اللصوص، حين ينسلون تحت أستار الليل، فأطار صواب البطل، وأوقع الخوذة الأخيلية الهائلة، وغودر الرأس العظيم مكشوفاً في متناول كل ظباةٍ وكل سنان!
ولم يدع هكتور فرصته تمضي، بل سرعان ما أبصر بتروكلوس يتلفت يرى صافعه، حتى أرسل رمحه الرعديد الخائر، إلى الرأس العاري، فأقصده. . .
وسقط بتروكلوس المسكين. . . مضرجاً بدمه!!
ووقف هكتور يتشدق، ويفاخر تلك المفاخرة الكاذبة: (بتروكلوس! أرأيت؟ لقد انتهيت! ولقد طاحت آمالك وذهبت أمانيك فوق هذه الساحة أباديد! بتروكلوس! أكنت تحلم بأن تُفْتح طروادة عليك، فتسوق بيض خدورها إماء بين يديك إلى بلادك وتُقَرّن في الأصفاد أبطالها البهاليل!؟ أيها التاعس. لقد ترديت من عربة أخيل التي لم تكن يوماً أهلاً لها، وبعد قليل تنوشك سباع الطير، وتغادرك فوق ثرى طروادة صعيداً جرزاً ورفاتاً سحيقاً!!
بتروكلوس! يا أتعس قتيل في هذه الساحة الحمراء!
كم كنت تحدث نفسك أن لو كان هكتور، هكتور الحلاحل، قاتلك، وسافح دمك، هو الذي ينام تلك النومة الساعة بين يديك!!
وكم كنت تمني نفسك أن لوعدت بعدة هكتور وعتاده إلى مولاك، إلى أخيل الذي أرسلك إلى الحومة، ولم يجازف بنفسه فيها، وهو يعلم أن أسدها الهصور لا بد قاتله، فافتدى نفسه بك، وضحاك في سبيل خلاصه، من هذه الصرعة التي زلزلتك!