للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أهكذا قد غرر بك أخيل، فأطلقك إلى حيث تلقى حتفك وتسبح في دمك، وتغص بآلامك؛ وإنه ليسبح الآن في شهواته ويقارف لذاته، ولا يدري مصيرك المحزن، ولا يعرف ما حل بك من موتة زؤام!!. . . . . .)

وكان بتروكلوس العظيم يجود بروحه، ويسمع إلى هذا الهذر، ويبكي! فلما انتهى هكتور تأوه القتيل آهة عميقة، وقال:

(هكتور!

حق لك أن تفتخر الآن)

أما قبل هذه اللحظة، فقد كنت تبحث عن قلبك الرعديد فلا تجده، لأنه طاش من شدة ما عاينت من ضربات الميرميدون!

على أنك لو كنت رجلاً، لآثرت أن تدفن وجهك في الرغام، دون أن تفخر بنصر ليس لك في أقله يدان!

لست أنت الذي رميت يا هكتور، بل هو سيد الأولمب، وولده أبوللو، هما اللذان رميا، وهما اللذان كتبا هذا القضاء، وأبرما هذا القدر!!

وإلا، فو أرباب هيلاس، لو صاولت عشرين كلباً مثلك، لما أفلت منهم أحد أبداً؛ ولأرسلت أرواحهم الخبيثة تتردى في نار جهنم!!

أجلي هو الذي أعجلني يا هكتور، وأبوللو هو الذي فتك بي تلك الفتكة البكر، أما أنت، فلم تصنع شيئاً، أكثر من أن رميت رمية الجبان!!

على أني أقولها لك قولةً غير كاذبة

إنك ستشرب بالكأس التي شرب بتروكلوس، ولن تبسم لك الدنيا أكثر مما فعلت، فانتظر، فسيأتيك عذاب يشقيك، وسينتفض أخيل العظيم حين ينتهي إليه نبأ مصرعي، فيهرع إلى هذه الساحة، والويل لك من رمحه الظامئ إلى دمك!)

وكانت هذه المقالة قد أجهدته، فسكت قليلاً، ثم أغمض عينيه إغماضة متعبة، وفتحهما فجأة، ونظر إلى جنوده، وقال:

(ميرميدون!

وداعاً. . . سلامي. . . إلى. . . أخيل!!)

<<  <  ج:
ص:  >  >>