للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيا راكباً إمّا عرضت فبلّغن ... نداماي من نجرانَ ألاّ تَلاقِيا

أقول وقد شدّوا لساني بنسعةٍ ... أمعشر تيمٍ أطلِقوا عن لسانيا

أحقّا عباد الله أن لستُ سامعاً ... نشيدَ الرِّعاء معزِ بين المتاليا

وقد علمت عرسي مُلَيكة أنني ... أنا الليث معدوا عليّ وعاديا

وقد كنت نحّار الجزور ومُعمِل ال ... عطيَّ وأمضي حيث لاحيَّ ماضيا

وأنحر للشَّرب الكرام مطيتي ... وأصدع بين القينتين ردائيا

وكنت إذا ما الخيل شمسها القنا ... لبيقا بتصريف القناة بنانيا

كأني لم أركب جواداً ولم أقل ... لخيلي كُرّي نفِّسي عن رجاليا

ولم أسبأ الزِّق لبرَّويّ ولم أقل ... لأيسار صدق أعظِموا ضوء ناريا

وإنك لتقرأ هذا الشعر بيتاً فلا ترى ملكة الشاعر قد تصرفت في هذه المعاني البسيطة الفاتنة ببساطتها تصرفاً قليلاً ولا كثيراً، ولا أضافت إلى هذا الجمال الطبعي الرائع بطبيعته من المحسنات الفنيّة ما يزيده روعة وحسناً؛ ولم يزد الشاعر على أن عرض صوراً دقيقة من حياته الماضية ولذاته المنصرفة، كما يتحدث به المتحدث، لا كما يتخيله الشاعر المتكلف؛ ودَعْني أيها الأديب المتذوق أعتمد على ذوقك في إدراك الجمال في هذا الشعر فإني أرى الإطالة في شرح الجمال الشعر والإبانة عن وجوه الحسن فيه كما يفعله علماء البلاغة مما يسخفه ويسمّجه، ويخرجه عن كونه احساسات نفسية، إلى جعله قواعد علمية. وسيمر بك أيضاً كثير من أمثلة هذا الجمال منتثرة في هذه الفصول.

أحمد الزين

<<  <  ج:
ص:  >  >>