ولد الفتح بن خاقان سنة ٤٨٠هـ - ١٠٨٧م، أي قبل أن يدال للمرابطين من ملوك الطوائف بسنتين. أما وفاته فقد اضطربت فيها كلمة المؤرخين فحكى ابن خلكان إنها كانت سنة خمس وثلاثين وخمسمائة - ١١٤٠م - وقال ابن الأبار القضاعي في معجم أصحاب الصدفي انه توفي ليلة عيد الفطر من سنة ثمان وعشرين وخمسمائة قال: وقرأت ذلك بخط من يوثق به، وقال الوزير الخطير لسان الدين بن الخطيب أن وفاته كانت ليلة الأحد لثمان بقين من محرم من عام ٥٢٩ والفرق بين ما رواه ابن الأبار وبين ما رواه لسان الدين بن الخطيب هو قريب من أربعة اشهر كما ترى. على أن ابن خلكان حكى ما رواه لسان الدين بن الخطيب أيضاً. . . وقال لسان الدين بن الخطيب: وأبو نصر الفتح بن خاقان من قرية بعرف بقلعة الواد من قرى يحصِب. وبضم كلام لسان الدين هذا إلى قول الحجاري في المسهب في حق الفتح: طلع من الأفق الاشبيلي شمسا طبق الآفاق ضياؤها، وعمّ الشرق والغرب سناها وسناؤها - يبدو لنا ان قرى يحصب هذه من كورة اشبيلية، وقد تكون من كورة أخرى من كور الأندلس نزح منها الفتح إلى إشبيلية واتخذها مقاماً له؛ وقد يريدلسان الدين بن الخطيب أن اصل الفتح من هذه القرية، آما هو فقد ولد بإشبيلية بعد أن نهد إليها آباؤه الأقربون وأقاموا بها؛ وأياً كان مسقط رأسه فقد نشأ في أشبيلية وفيها كما يظهر اخذ الأدب - كما يحدثنا لسان الدين بن الخطيب - عن أبي بكر بن سليمان بن القصيرة - أحد مشهوري الكتاب وسترى ترجمته - وأبن اللبانة من كبار شعراء الأندلس، وابن محمد بن عبدون الشاعر الكاتب صاحب قصيدة: الدهر يفجع بعد العين بالأثر، وابن دريد الكاتب وأبي جعفر بن سعدون الكاتب، وأبي الحسن بن سراج، وأبي خالد بن تستغير، وأبي عبد الرحمن بن طاهر، وأبي عامر بن سرور وأبي الوليد بن حجاج. هكذا سرد مشيخته لسان الدين بن الخطيب.
نشأ الفتح بن خاقان نشأة أدبية كما ترى، ومن ثم غلب عليه الأدب حتى انصرف إليه فن كلما عداه ولم يؤثر عنه من المعارف سواه، قال ابن خاتمة: انه لم يعرف من المعارف بغير الكتابة، والشعر، والآداب. أقول: وقلما ترى أديباً أندلسياً إلا وله مشاركة في كثير من العلوم الدينية وغير الدينية. على أن قارئ الفتح بن خاقان يرى انه واسع الاطلاع إلى أقصى حد، وانه أديب كل الأديب وان معارفه العامة وثقافته الشاملة التي لا بد منها للأديب