للانتفاع بقوى المحيطات الحرارية. فهذا العالم الفرنسي يبني تجاربه على أساس ظاهرة كشفت عنها الاقيانوغرافيا. وهي أن اختلاف درجة الحرارة بين السطح والقاع في البحار الاستوائية كبير إلى حد إمكان تحويل هذا الاختلاف إلى قوة محركة.
هذا عن الفوائد العملية المباشرة. أما عن فائدة الاقيانوغرافيا للعلم نفسه فقد وجد فيها علم الأرصاد خير معين على تفهم الظواهر الجوية على سطح الأرض. فالجو بحر غازي يتأثر بالحرارة والضغط وجميع العوامل الأخرى التي تؤثر في البحر. ولما كان هذا الأخير بطيء التأثر بالنسبة إلى الجو الأهوج، فأن بطئ الظواهر البحرية خير معوان على تفهم ظواهر الجو السريعة كما يفهم الإنسان حركات العدو، أو القفز العالي عن طريق فيلم سينمائي يدار ببطء، كما أن سطح المحيط هو خير منطقة لدراسة الجو في أبسط مظاهره، فبينما تكثر المرتفعات والمنخفضان على سطح الأرض ويتغير الضغط الجوي تبعا لها، نرى البحر بسطحه المستوي وصفحته المائية يحول دون التغيرات السريعة في الضغط الجوي الناشئة في الأرض عن مرتفعاتها ومخفضاتها. كذا برودة الهواء وسخونته أقل استعداداً للتغير الكبير السريع فوق الماء منها فوق اليابسة.
وكان من الطبيعي أن تنتفع الجيولوجيا من الاقيانوغرافيا، ففي دراسة قاع المحيطات الحالية وتفسير تكوينها ما يعين الجيولوجي على أن يفسر تكوين بحار العهود الجيولوجية المنقرضة.
وتبدو استفادة علم الحيوان من الاقيانوغرافيا بمقارنة مجموع الحيوانات الأرضية والحيوانات البحرية المعروفة. فإذا فتحت أي كتاب حديث في علم الحيوان عند الفهرس وجدت أن فصائل الحيوانات البرية لا تمثل إلاّ نسبة ضئيلة في مجموع الحيوانات المعروفة.
وبعد أليس هذا طبيعياً؟ فمساحة البحار تعادل نصفا وضعفي مساحة اليابسة. وإذا كانت الأحياء الأرضية تعيش فوق السطح أو تغادر هذا السطح قليلاً لتطير في الهواء، فالأحياء المائية تغشى المحيط عند سطحه وفي جميع طبقاته وفوق قاعه. فأي عجب أن تكون أكثر بكثير من الأحياء البرية؟ ونعرف أن عمق المحيط يتراوح بين متر وعشرة آلاف متر، هذا إلى أننا الآن أقرب إلى حصر الأنواع الأرضية منا إلى الإحاطة بجميع الأنواع