وإذا كانت الأعماق السحيقة لا تهم الملاح فهو مهتم في جميع أنحاء البحر بالعميق منها وقريب الغور بمعرفة اتجاه التيارات. وقد لاحظ بنيامين فرانكلين في سنة ١٧٧٠ وكان مديرا للبريد في إنجلترا الجديدة أن البريد المرسل من إنجلترا يصل أميركا على السفن الأميركية أسرع من وصوله على السفن الإنجليزية. فأخبره القبطان الأميركي بخبر تيار بحري يتجه في المحيط الاطلانطيقي إلى الشرق تنتفع به السفن الأميركية في الذهاب وتتجنبه في الإياب. بينما تجهل أمره السفن الإنجليزية. وحينما سافر فرانكلين إلى فرنسا حرص على تدوين ملاحظاته عن هذا التيار (جولفستريم) ورسم خريطة له ظلت سراً حتى طرد الإنجليز من مستعمرتهم الأميركية الكبيرة، وقد كان هذا الاكتشاف بدء عهد الملاحة الترمومترية. إذ كان الملاح يتعرف وجوده في طريق هذا التيار بملاحظة ارتفاع درجة حرارة الماء من معدل معروف للاقيانوس في المناطق التي لا يمر بها التيار. وللملاحة الترمومترية فائدة عظمى في الضباب إذ يدل انخفاض درجة حرارة الماء انخفاضا سريعا وغير عادي على اقتراب السفينة من جبال ثلجية عائمة.
ويعرف الملاح أيضا حركات المد والجزر. إذ بدون معرفتهما تتعرض سفينتهم لأخطار الارتطام بالصخور كما لا يستطيع تعيين وقت دخوله المرافئ.
ويعنى صانعو السفن ومهندسو الموانئ بدراسة خصائص ماء البحر لاختيار المواد التي ينشئون منها قاع السفن وحواجز المياه والأرصفة فلا تؤثر فيها مياه البحر وما بها من أملاح ذائبة وخصوصا كلورور الصوديوم.
وإذا سقنا الملاحة والهندسة البحرية مثلا على الفنون والحرف التي تنتفع بالمعلومات الاقيانوغرافية فان علينا أن نشير إلى حرفة تعد مدينة للاقيانوغرافيا بغير قليل من تقدمها. تلك هي حرفة الصيد. ولقد سبق أن كتبنا عن (بحوث مصائد الأسماك) وهي في البحار فرع من الاقيانوغرافيا محدود بأغراض نفسية محضة. وسنعود في فرص أخرى إلى هذا الموضوع وإنما نكتفي الآن بالإشارة إلى كنوز البحار من أسمك وحيتان ووحوش وسلاحف ولآلئ ومرجان وأعشاب ينتفع بها الإنسان لغذائه وزينته وتدخل في صناعاته إذ يستخرج منها الزيوت والأسمدة واليود الخ.
وأخيراً عرف المتتبعون أخبار العلم بخبر تلك المحاولة الجبارة التي يقوم بها جورج كلود