الخصوص وهم فرس وصقالبة وأنباط ونصارى من المصيصة وكان مروان أسكنهم إياها)؛ ومن الصعب أن نضبط المعنى الذي ينصرف إليه لفظ (الصقالبة) في هذا العصر المتقدم. بيد أنه يلوح لنا أن الكلمة كانت تطلق حتى القرن الثالث على سكان بلاد الخزر (قزوين) والقوقاز وما إليها، ثم اتسع معناها نوعا وأطلقت على سكان البلقان المتاخمين للدولة البزنطية مثل البلغار؛ وقد كان الصقالبة في الواقع يستعمرون هذه الأنحاء في تلك العصور، وكانت لهم في بلغاريا مملكة (صقلبية) حقيقية. وكان معنى الكلمة أوضح وأدق في الغرب الإسلامي في الأندلس وصقلية والمغرب، حيث كانت تطلق على الأجناس الصقلبية الحقيقية التي تسكن حوض الدانوب الشرقي والأوسط وألمانيا وضفاف الادرياتيك، ويؤتى منها إلى الأندلس والمغرب بالخصيان والأسرى؛ ويعرف الشريف الإدريسي بلاد الصقالبة بأنها هي شبه جزيرة البلقان، وهو في الواقع معنى أقدم من عصر الإدريسي، بيد أن الإدريسي يشير على ما يظهر إلى التحديد السياسي حيث كانت مملكة الصقالبة (بلغاريا) تسود يومئذ بلاد البلقان
وعرف الصقالبة وعرفتهم القصور الإسلامية في عصر مبكر جدا، فمنذ الدولة الأموية نجدهم في بلاط الخليفة وفي الجيش؛ ولكن نفوذهم الحقيقي في القصور الإسلامية يبدأ منذ القرن الرابع الهجري، فنراهم عندئذ يتقلبون في الوظائف والمهام العليا بعد أن كانوا يقتصرون على تقلد الوظائف والمهام الصغرى في البلاط وداخل القصر، مثل وظائف الخدمة السلطانية والنظر على الشؤون المنزلية المحضة كشؤون المائدة والثياب والرياش، ونراهم يسيطرون على شؤون الدولة العليا، فيتولون الوزارة والقيادة والوصاية أحيانا ويسود نفوذهم في القصر وفي الحكومة. وقد كان هذا النفوذ يرجع في الغالب إلى سياسة الدول والأسر، تعمل لرعايته وإيثاره لبواعث سياسية واجتماعية؛ وسنقتصر هنا على معالجة مركز الصقالبة ونفوذهم في الأندلس حيث كانت لهم دولة وكان لهم أيما نفوذ
- ٢ -
كانت سياسة الدولة الأموية بالأندلس تقوم منذ البداية على اصطناع الموالي والصقالبة واتخاذهم أداة وبطانة؛ وكانت الظروف العصيبة التي أحاطت بقيام الدولة الأموية في الأندلس، والخطوب والثورات الجمة التي تفجرت حول عبد الرحمن الداخل والتي أثارها