للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي لا يحب الجمال ولا يلتمسه في امرأة؛ ثم يفاخر غيره بذلك، إنه لا يقول للناس (أنا لا أحب ولا أقدر الحب.) بل يقول (أنا. . ما أنا في الأحياء!. . أنا. . أنا ميت الأحياء) والضعف الذي يراه في الذين عرفوا الحب وآمنوا به، إنما هو ضعف في إنسانيته هو لا في إنسانيتهم، والذي لا يدرك الجمال في المرأة لا يدركه في الطبيعة؛ لأن المرأة هي المنظار المكبر الذي ينظر الرجل من ورائه إلى ما حوله. وإلا فهو لا يرى موضعه من الأحياء. .)

أنا. . أنا إنسان ولا أستطيع أن أقول إن كل شيء جميل، وإن كان القبح جمال فقد يكون الجمال قبح؛ ولكن هذه التي يقولون عنها إنها جميلة. . . ثم أرغموني عليها وأرغموها على لا أرى في قبحها جمالا ولا في بؤس الحياة معها فنا. . .

قلت: ويك: لقد اصطرعت في نفسك عوامل رانت على بصرك وتركتك في بيداء من الوهم والخيال، كأنك تريد أن تخلع ثوبك؛ وقد يكون في الذي تخلعه جمال!

قال: أما أن أظل شريدا، فلا. وأما أن أحتمل مع عبئ عبئا آخر، فلا. وأما أنني أهتم بنفسي، فنعم. وماذا يضيرني ويضير هذا العالم بما فيه أهلي وأهلها إذا لبست فوقي ثوبي القديم ثوبا آخر، فيخفي عن عيني وعين الناس هذا القبيح الذي كنت ألبس؟

ثم تركني، وأنا أقول: وا أسفا لهذا الشاب!! أثقل عليه أن صفحة من صفحات قلبه قد نشرت وهو كان يحمل الهم كله في صدره فما يثقل عليه؟ ويل للشاب من الشيخ فذلك يتكلم بوجدانه وعاطفته وقلبه، وذاك يتكلم بعقله وتجاربه وفلسفته. فأين يلتقيان!

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>