سحب التشاؤم والأسى؛ فو الله ما نفعتني في هذه الأيام العابسة الكتب وفلسفاتها المهذبة المصقولة، بقدر ما نفعتني نصائح وضحكات وأغاني هذا الصديق الجديد في السجن، بل في مدرسة الرجال والأبطال، على ما يسميه؛ وأنا ناقل لقوله فما علي من لوم، فالناس تسمي السجن مدرسة المجرمين)
قال محدثي إبراهيم:
ثم زايلت السجن وكلي أسف على حياة صاحبي القديم، التي أحسبها ضائعة بعد هذه الحال التي صار إليها؛ وهذا ما كنت أتوقعه منذ طرد من المدرسة السلطانية العثمانية. تلك مقدمة هذه نتيجتها. . . وفي نيتي أن أزوره يوم الجمعة القادم)
قلت وأنا مصغ له في غير أسف:
(ولكن عبد العزيز أبا جاسم، وهو جدير بلقبه هذا، كان شريفا من بعد؛ ورب مجرم معذور؛ فأما أنه كان فقيرا وسوف يغدو كما كان، فما في الفقر من عيب. وما ضاعت حياة من كان مثله إباء وعزة نفس. . . .)