ما سبب يستأهل كل تلك الضحايا ويستحل كل هذه المهج؛ وهذا الفريق يحنق على طروادة ويحنق على هيلاس على السواء. ويود لو يأذن سيد الأولمب فيزلزل بهما الأرض، أو يرسل عليهما كِسَفاَ من السماء، فلا يبقى على أحد منهم أبداً!!
واتفق الآلهة على أب يذهب فريق منهم فيكون في صفوف الطرواديين يرشدهم، ويدفع عنهم عادية أخيل، ثم يذهب فريق آخر فيكون في صفوف الهيلانيين يفل من نشاطهم، ويكسر من سورتهم، حتى تكون الحرب بين الجمعين سجالاً؛ وإلى أن يرى الآلهة في شؤون خلقهم رأياً آخر.
وانطلقت حيرا مليكة الأولمب، ومينرفا ربة الحكمة، ثم هرمز رسول الآلهة وقائد الأرواح إلى هيدز. وفلكان الحداد وإله النيران، الذي فضحه مارس في زوجه، ونبتيون رب البحار العتيد الذي روّع الطرواديين في هذه الحرب أيما ترويع.
انطلق هؤلاء فكانوا في صفوف الهيلانيين.
وانطلقت فينوس إلى صفوف الطرواديين، وراح في أثرها أبوللو وأمه لاتونا وديان ومارس وإكسانثوس، وفئة غير هؤلاء من عشاق فينوس؟.
وانبث الآلهة ينفخون في أبواق الحرب.
وصاح أخيل في شياطين الميرميدون صيحة داوية. زادتها مينرفا قوة، فما تركت فؤاداً إلا زلزلته، وما غادرت نفساً إلا تركتها ترجف من خوف وفزع.
وكان أبوللو ينظر إلى أخيل فيتميز من الغيظ، ويود لو يبطش به بغدره من غدراته التي أودت بيتروكلوس من قبل، ولكنه أحس بفرائصه ترتعد، وفقاره يندك من الرعب، لما رأى حول أخيل من هذه الأرباب المتعطشة للدماء، لا سيما الإله الوحش نبتيون الذي يرسل من عينيه بركانين من الغضب يضطرمان اضطراماً.
وآثر أبوللو أن يستخفي في زي ليكاون بن بريام وصورته، وأن يذهب من فوره إلى إينياس العظيم مستشار طروادة وأبسل شجعانها بعد هكتور، فيثيره على أخيل، ويلهب فيه نخوة الجاهلية التي سداها التفاخر بالأنساب، ولحمتها التباهل بالأحساب، والتبجح بأنا ابن من سمك السماء، ودحا الأرض، وأنبت فيها من كل زوج بهيج!
واستطاع أبوللو أن يهون على إينياس من شأن أخيل، وأن يحقر في ناظريه خطبه،