ثم ذكر ما صنعه نبتيون من أجل إينياس، فنشر ضبابةً كثيفةً أمام ناظري أخيل، وتقدم إلى هكتور فحمله، وذهب به إلى حيث يكون بنجوة من مصير محزن، كان يوشك أن ينتهي إليه. . . . .
وظل أخيل يطعن الضبابة، مشدوه اللب حيران!!
طعنها مرةً، ثم مرة ثانية، ثم ثالثة، ثم ما كاد يطعنها الرابعة حتى امحت وبطل السحر، وانكشف له الميدان يضج بالجند، ويعج بعدة الحرب، ولكنه مع ذاك، وغير ذاك. . . . خلو من هكتور!!. . . . . . . . . . . .
(جميل يا هكتور!! صل للإله الذي أنقذك اليوم مني! صل لربك أبوللو! لقد أنجاك من قتلة بينة، وموتة محققة. . . صل له يا هكتور! ولكن ثق أننا سنلتقي بعدها، ولا أدري هل ينقذك إلهك عندها؟! إن لي أربابي التي تحميني، والتي إن فوجئت بغادر فهي تنجيني. . . . . سنلتقي يا هكتور. . . . فصل الآن لأبوللو واشكر له. . . . .)
وثار أخيل فكان زوبعة!
وطفق يصرع أبطال طروادة، فطعن دريوبس طعنة اخترمت حياته، ثم جندل ديماخوس وأسرعت روحه إلى أمواج ستيكس المنصهرة، وتقدم فأطاح رأس دردانوس العتيد، وجال جولة هنا وجولة هناك، فكانت المنايا نتعثر أنىّ ذهب، وأيان صار، فهذا تروس البطل ملقى على الأرض والدم ينبثق من كبده، وموليوس الصنديد زائغ العينين يتوجع مما ألم به، وإخكلوس ابن أجينور تساقط نفسه حشاشات، ثم ديكاليون الذي دوخ الجيوش وروع الأبطال، وبث اليتم في كل دار. . . هاهو ذا فوق الثرى صعيداً جرزاً، وجثماناً يتدافق الدم من جرحه. . . نهاية حمراء لحياة حمراء. . . كلها حرب وتقتيل!
ورجموس!!
رجموس بن بريوس! الذي شد رحله من تراقية لينصر الطرواديين على بني وطنه. . . قائداً جموعه التي لا حصر لها؛ مؤلباً القبائل والأفخاذ على الأرض التي أنجبته، والآلهة التي نشّأته. . . . لماذا؟ لا سبب معقول!! ولكنه طيش الملك وغروره وكبرياؤه. . . ولأن الهيلانيين لم يختاروه قائداً لهم في هذه العشوزْنة الزبون!!