للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يراها لصغرها.

وإذا نجح الإنسان في هذا الصراع واستطاع أن يظفر بتوطيد مركزه، فإن مواهبه وكفاياته قد تتسع وتزيد تدريجياً حتى يتحول إلى شئ آخر غير ما هو اليوم عليه وربما كان شيئاً أرفع مما هو عليه. وقد تختلف عنا سلالتنا بعد عشرة ملايين سنة كما نختلف نحن عن أسلافنا المنحطين منذ عشرة ملايين سنة. وشر ما يخشاه الجنس الإنساني هو الهزيمة والعدم، وخير ما يؤمله هو أن يغدو قنطرة منسية للطريق إلى أشياء أسمى.

وقد لاح في وقت ما أن نظرية (النسبية) قد وضعت حداً لكل الآمال التي تساور الإنسان في جعل العالم أكثر رفاهة وسعادة وجمالاً وأكثر نبلاً وعدالة طبق مثله الخاصة.

أما الآن فلدينا أسباب كثيرة تحملنا على العودة إلى اعتقادنا في أن الماضي والحاضر والمستقبل لها في الواقع معنى موضوعي وليست هواجس تهجس في عقولنا، وبعبارة أخرى يجب علينا أن نعتقد أن الزمن إنما هو حقيقة مادية.

واستعرض السير جينس بعد ذلك ما وصل إليه العلم في شأن (الذرّة) وما يقال من أنه لا يمكن سير الذرات، وأن سير الطبيعة يقوم على غير نظام وتقرير سابق؛ ومن رأيه أن العلم عاجز عن أن يقدم أي تحديد أو أي تدليل على مسألة (الحير) القديمة؛ وقد يكون الإنسان أو لا يكون آليّاً، ولكن العلم لا يستطيع أن يبرهن على أنه ليس آلياً، ثم هو لا يستطيع أن يبرهن أنه آلي قال؛ وإذا استعرضنا تاريخ العلوم في جملته، فإنا نرى المعارف العلمية ما تزال ترغم الإنسان على أن يخفض من تقدير نفسه ومركزه في الكون حتى بدء القرن الحالي، أما أنا فأرى أن التيار قد أخذ يتطور، وإننا على ضوء المعلومات التي ترتبت على نظرية النسبية والكمية، نستطيع أن ننظر إلى مركزنا في شيء من التفاؤل لم يسمح به العصر الفيكتوري).

شرعية الانتحار

يعرض في القريب العاجل على مجلس اللوردات الإنكليزي مشروع قانون فريد في نوعه، يراد به تقرير شرعية الانتحار، أو بعض أنواع القتل؛ ففي العهد الأخير وقعت في إنكلترا عدة حوادث رنانة مؤثرة؛ قتل فيها الابن أباه، والزوج زوجته، والعاشق حبيبته، ولم يكن قتلاً عادياً أو له صفة الجريمة، بل كان قتلاً مبعثه الإشفاق والحب، وكان في الغالب بناء

<<  <  ج:
ص:  >  >>