الشمالية حتى النهر الأصفر (الينج تسي)؛ وتتظاهر السياسة اليابانية بأنها في هذه المحاولة إنما تعبر عن رغبات سكان هذه الأقاليم، والواقع أنها تعتمد في ذلك على مؤازرة الجنرال (شنج تشي يوان) زعيم الشمال وخصم الحكومة الوطنية، وتعتمد من جهة أخرى على محالفة حكومة (كوانتونج) الجنوبية (حكومة كنتون) وهي أيضاً خصيمة الحكومة الوطنية؛ فالحكومة الوطنية أو حكومة نانكين تجد نفسها بين نارين في هذا الصراع الذي يوشك أن يقوض دعائمها
ويجب أن نذكر إلى جانب أن اليابان قد استولت قبل ذلك بأربعة أعوام على إقليم منشوريا الغني، ولم تعبأ بتدخل عصبة الأمم وقراراتها النظرية؛ وأنشأت فيه جمهورية صورية تحت الحماية اليابانية (منشوكيو)؛ ولبثت بعد ذلك تتحين الفرص للزحف جنوباً متذرعة بمختلف الحجج والأعذار حتى اقتحمت قواتها (السور الكبير) واستولت على قسم كبير من إقليم جيهول، وبسطت نفوذها على جميع الأراضي الواقعة شمال بكين؛ وليست الحركة الانفصالية الجديدة التي تدبرها السياسة اليابانية إلا حركة غزو جديدة، تستأنف بها اليابان نشاطها في سبيل تنفيذ مشروعها الاستعماري الضخم الذي تتحين الفرص لتحقيقه كلما شغلت الدول الغربية بأزماتها الخطيرة
والظاهر أن السياسة اليابانية كانت تعبر عن نيتها ومشاريعها المستقبلية تعبيراً صادقاً حينما ألقت إنذارها الشهير منذ نحو عام ونصف إلى أوربا وأمريكا وهو:(ارفعوا أيديكم عن الصين) أو بعبارة أخرى حينما صرحت بأنها تجري في سياستها الصينية على مبدأ (آسيا للأسيويين) مثلما تجري أمريكا في سياستها على مبدأ (مونرو) الشهير أو على مبدأ (أمريكا للأمريكيين)، وقد كانت اليابان ترقب دائماً مشاريع الدول الغربية وتوغل نفوذها في الصين بمنتهى الاهتمام والتوجس؛ وتعمل على مقاومة نفوذها وامتيازها بالوسائل الاقتصادية والعسكرية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولكنها جرت في الأعوام الأخيرة على سياسة عملية يؤيدها التدخل العسكري، وكان استيلاؤها على منشوريا تحت سمع أوربا وأمريكا ورغم تدخل عصبة الأمم تجربة عملية ناجحة عجمت بها عود الدول الكبرى ذات المصالح في الصين مثل بريطانيا العظمى وروسيا وفرنسا وأمريكا، واستطاعت أن تقف على مدى المقاومة التي يمكن أن تتذرع بها الدول لمعارضتها؛ بيد أن الدول عدا روسيا لم