تبد معارضة نظرية، ومع أن روسيا وأمريكا قدمتا على غزو اليابان للأراضي الصينية احتجاجات شديدة، فان اليابان لم تحفل بأي احتجاج أو معارضة؛ ولما توسعت اليابان في مشروعها وغزت ثغر شنغهاي لترغم الصين على الاعتراف بالحالة الواقعة في منشوريا، احتجت الدول الغربية بنصوص معاهدة الدول التسع (معاهدة سنة ١٩٢٢) التي تنص على احترام سيادة الصين ووحدتها الإقليمية والإدارية، ولكن اليابان لم تنسحب من شنغهاي إلا أمام المقاومة العنيفة التي استطاعت أن تنظمها حكومة نانكين
والآن تمضي اليابان في تنفيذ مشروعها لاحتلال الصين واستعمارها مرحلة أخرى. وهي تعمل في ظروف صالحة جداً؛ فالدول الغربية وأمريكا مشغولة بالأزمة الدولية الخطيرة التي أثارتها المشكلة الحبشية، والصين في حال من التفرق والتمزق لا تمكنها من أية مقاومة عملية، فحكومة الجنوب أو حكومة كوانتونج (وعاصمتها كنتون) تخاصم الحكومة الوطنية وتناوئها، والحكومة الوطنية (حكومة نانكين) لا تكاد يتعدى سلطانها الأقاليم الوسطى. أما الأقاليم الشمالية وهي مسرح النشاط الياباني، فتكاد تخرج جميعاً عن قبضتها ولا تكاد تتمتع فيها بأية سلطة أو نفوذ يذكر؛ والسلطة فيها موزعة بين جماعة من القادة العسكريين المحليين، أهمهم وأقواهم الجنرال (شنج تشي يوان) زعيم الشمال وهو من أنصار سياسة التفاهم مع اليابان. ويجب أن نذكر أن اليابان تعمل الآن مطمئنة من جانب روسيا التي اضطرت إزاء تطور الحوادث وتفاقمها في أوربا أن تترك ميدان الصراع مع اليابان في الشرق الأقصى، وأن تنسحب نهائياً من منشوريا بعد أن باعت لليابان نصيبها في السكة الحديدية الشرقية؛ وبذلك خفت عوامل الاحتكاك القديمة بين اليابان وروسيا، وهي عوامل كانت تحسب اليابان حسابها كلما أقدمت على عمل جديد في هذا الميدان
أما الدول الغربية فليس من المنتظر أن تقوم في الظرف الحاضر بعمل ذي شأن، وخصوصاً بعد ما تصدعت جبهتها المشتركة، وأضحت كل تعمل بمفردها؛ بيد أن الصين تحاول من جانبها أن تحمل الدول الغربية على التحرك، وذلك بإثارة التمسك بمعاهدة الدول التسع لدى الدول الموقعة عليها، وهي الولايات المتحدة (أمريكا) وبريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والبرتغال والصين واليابان ذاتها؛ وتنص هذه المعاهدة على احترام سيادة الصين واستقلالها ووحدتها الإدارية والإقليمية، وعلى معاونتها على النهوض