للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والتقدم بكل الوسائل، واستعمال الدول الموقعة لنفوذها في تأييد مبدأ الفرص المتساوية في النشاط التجاري والصناعي في الصين لجميع الأمم، وعلى عدم انتهاز ظروف الصين للحصول على امتيازات خاصة؛ فهذه المعاهدة هي التي تثير الصين وتثير الدول نصوصها اليوم احتجاجاً على عمل اليابان في شمال الصين، بيد أنه من المشكوك فيه أن يسفر هذا الاحتجاج النظري عن أية نتيجة عملية؛ فاليابان تمضي دائماً في طريقها غير حافلة بالنصوص التي تعرقل مشاريعها

على أن هناك عاملاً يحسب حسابه؛ فان اليابان إذا استمرت في سياسة التوغل في الصين على هذا النحو، فنها تقترب شيئاً فشيئاً من حدود الهند البريطانية، وحدود الهند الصينية الفرنسية؛ وبريطانيا العظمى لا تستطيع السكوت طويلاً على هذه الحركة التي قد تفضي إلى تهديد سيادتها في الهند؛ كذلك تشعر فرنسا بالخوف على مستقبل الهند الصينية، إذا ما اقتربت اليابان من جنوب الصين. والواقع أن بريطانيا رغم انشغالها بالمشكلة الحبشية واحتمالاتها المزعجة، لم تفتر عن العمل لمقاومة التوغل الياباني في الصين، والصراع يضطرم دائماً بين الدولتين وإن كان ما يزال يقتصر على الوسائل المستترة؛ وآخر محاولة بريطانية لمقاومة النفوذ الياباني، هي اتفاق بريطانيا مع حكومة نانكين على القيام بتنظيم المالية الصينية على يد خبير بريطاني، وعقد قرض للصين في إنكلترا، وهي محاولة تفطن لها اليابان وتعمل لمعارضتها؛ وإذا كانت الدلائل تدل على أن أمريكا قد أخذت تبتعد شيئاً فشيئاً عن التمسك بسيادة المحيط الهادي وعن التعرض لسياسة التوسع الياباني في الصين، فأنها من جهة أخرى تدل على أن بريطانيا العظمى ما زالت تعتبر قيام التوازن الدولي في الصين أمراً حيوياً لسلامة الهند وباقي أملاكها في الشرق الأقصى؛ ولم يكن إنشاء إنكلترا لقاعدة سنغافورة البحرية الهائلة بعيداً عن التحوط للزحف الياباني نحو الجنوب

وليس بعيداً أن يكون تقدم التوسع الياباني في الشرق الأقصى على هذا النحو المزعج عاملاً جوهرياً في التقرب بين إنكلترا وروسيا، واتحادهما معا على مقاومة هذا الخطر الياباني الذي تشعر كلتاهما باشتداد وطأته؛ فإذا تم ذلك، فانه يسجل انقلاباً خطيراً في السياسة الدولية، قد يكون له أبعد الأثر في تطور الحوادث في الشرق الأقصى

<<  <  ج:
ص:  >  >>