مسكين ليكاون بن بريام! لقد فر من جزيرة لمنوس منذ اثني عشر يوماً فقط، وسعى إلى هذه الساحة النكراء ليلقى فوق أديمها حتفه، كما لقيه أخوه بوليدور من قبل
ودهش أخيل إذ رأى ابن بريام يذرع الميدان أمامه، وعجب من أفلته من منفاه السحيق في عرض البحر. . . ثم أيقن أن في الأمر مكيدة. . فانقض على الفتى المسكين انقضاض الباشق، وأرسل إليهطعنة نجلاء كادت تخترم أجله، لولا هذه اللفتة الرشيقة التي أنفتلها الشاب فأنقذت حياته. . . ولو إلى حين!
وفتح الفتى عينيه فنظر إلى شبح الموت تنتشر سماديره من ظباة أخيل، وأحس كأن هذا الشبح يلاحقه في كل مكان فيقبض على عنقه ويضغطه، ثم ينشب فيه أظافره فيسري السم في هيكله الخاوي فلا يكاد يبين!
وحاول أن ينجو من روع هذا الموقف. . ولكنه كان أبطأ من حتفه الذي يسابقه، فلما أيقن أن لا سبيل إلى الفرار، ألقى سلاحه وتقدم إلى أخيل فقبل ثرى الساحة عند قدميه، ثم لف ذراعيه المرتجفتين حول ساقْي زعيم الميرميدون، وطفق يضرع إليهألا يقتله. . (فان لي أماً محزونة ما تفتأ ترسل دموعها على أخي بوليدور الذي قتلته منذ لحظة، والذي أذويت شبابه النضر ولم تبق على عوده الفينان، ولم ترحم فيه قلوباً تعطف عليه، وأباً شيخاً أصبته في ولده بقاصمة الظهر. . .
أرسلني يا أخيل تباركك الآلهة، وترعاك أرباب الأولمب، ولا تفجع فيّ ذيْنك القلبين الحنيين على، الحفيين بي. . .)
وكان الفتى يغسل توسلاته بعبرات شبابه، ويصهرها بآهات صباه. . . ولكن أخيل الذي يضطرم حزناً على بيروكلوس، لمتأخذه رحمة في ابن بريام المسكين، وأخي هكتور الذميم. . .! بل استل جزاره البتار وأهوى به على عنق الفتى. . . فطاح الرأس الطروادي الكريم!
وكان البطل الطروادي العظيم، سترابيوس بن بلجون، رب البركات، الذي يدين له بحياته أكسيوس رب النهر الشرقي الكبير. . . كان سترابيوس على مقربة من أخيل وهو يصرع ليكاون بن بريام، فجزع - شهدت الآلهة - على ابن الملك، وأحزنه ألا يرق أخيل لتوسلاته؛ ووقر في نفسه أن يقتص له من هذا الشيطان، ويخلص الطرواديين منه، فيطير