وحنق سكمندر العظيم، وانطلق إلى أبوللو يكلمه في أمر أخيل، ولم يدعه أبوللو حتى أغراه بابن بليوس أعدى أعدائه، وأشد شانئيه، وحتى أثاره عليه، وهاج فيه كل حقد دفين. وعاد سكمندر فأشار إلى الماء فعلا وفاض، وإلى الموج فتلاطم وجرجر، وإلى الأواذي فدوّمت وهوّمت، ولاحقت أخيل من ههنا ومن ههنا؛ وظن ابن بليوس إلى الخطر الذي أوشك أن يحيق به فهرع يحاول الفرار. . . ولآت حين فرار. . . فقد أزبد الموج، وانساب العباب، وتشققت الأرض عيوناً ومسايل، وعَمُقت اللجة، وبعد ما بين سطحها وبين قدمي أخيل، أو ما بينه وبين قرارها، فأطلق المسكين ذراعيه يسبح في أغوارها، ويتعلق بالجثث الطافية فوقها
وأشتد الخطب، وعظم الكرب، وصرخ أخيل يستنجد أربابه، فما كادت حيرا تسمعه حتى فزعت إليه، وأمرت فلكان ابنها فانطلق يجفف الأمواه بنيرانه، ويرسل على الطوفان بدخانه، ويستعين في كل ذلك بآلهة الريح التي هرعت إليهمن كل صوب تساعده، وكان زفيروس الكريم يهب على النهر اللجي سجسجاً، ويذهب منه بكل مزنةٍ مثقلة، وديمة محملة، فلم يمض غير بعيد حتى صفا الجو، وغيض الماء، وبرز أخيل يحمل عدته، فطربت الآلهة لنجاته، وانقض فلكان على سكمندر يحاول أن يثأر لأخيل منه. . .! ولكن بعد أن عاهد حيرا - إذ هي صدت عنه ولدها فلكان - أن يحصر الطرواديين بموجه، فلا يمكنهم من الدخول إلى مدينتهم، ويجعلهم بذلك هدفاً لأخيل يصنع بهم ما يشاء!!
وتثار الخصومة بين الآلهة لموقف فلكان من سكمندر. . . ويغيظ مارس من مينرفا أنها تؤيد فلكان وتحرضه على رب النهر المسكين الذي أفزعته النيران تأخذه من كل حدب. . . فتقدم إليها وطفق يقرعها وتقرعه، ويرميها بالمثالب وترميه بها. . . ثم تناول رمحه العظيم واستجمع كل قوته، وأرسله يود لو يقضي به على ربة الحكمة الحازمة، ولكن، ويل لك يا مارس! لقد ارتد الرمح فلم يستطع إلى درع مينرفا من سبيل. . . وانحنت الآلهة المغيظة فأخذت حجراً من أكبرا حجارة الجبل وقذفت به مارس فدكت عنقه، وتركته على السفح الشاحب لَقًي من ألقاء هذه الحرب!
وظل مارس ممدداً على السفح يخور ويئن، ويتلوى بجثته العظيمة التي كانت ترتطم