الاقتباس من حوادث ووقائعه الشهيرة؛ ولكن السينما استطاعت على حداثتها تتوسع في هذا الاقتباس سواء من حيث الوقائع أوالمناظر لتفوق وسائلها الفنية، وقد بدأت السينما باقتباس كثير من حوادث التاريخ القديم وشخصياته، فرأينا على ستارهاحياة كليوباطرة، وصفحات كثيرة من التاريخ الروماني قبل رواية (كوفاديس) الشهيرة؛ ثم كان عهد القصص التاريخية الكبيرة مثل (الفرسان الثلاثة)، و (مونت كريستو)، و (الفرنسية) لاسكندر ديماس وغيرها، وفي الأيام الأخيرة رأينا ممثلاً نابغاً هو السير أرليس يحي لنا طائفة من أشهر شخصيات التاريخ الحديث مثل ريشيليو، وفولتير، والدوق ولتون وغيرها
وفي الأنباء الأخيرة أن شركة فنية إنجليزية قررت أن تخرج شريطاً مصوراً يمثل حياة أَلفرد نوبل المخترع السويدي جوائز نوبل الشهيرة للعلوم والآداب والفنون، وكان نوبل صورة رائعة التناقض، فقد قضي حياته في اختراع أصنافجديدة من المفرقعات المهلكة، ثم جعل كل ثروته بعد وفاته وقفاً على تشجيع العلوم والفنون، ورصد منها جائزة كبيرة تمنح كل عام لمن يقدم أجل خدمات لقضية السلام. وقد رأى نوبل قبل وفاته نتائج اختراعاته المهلكة في الحرب الفرنسية (سنة ١٨٧٠) ورأى رائع فتكها ببني الإنسان فحزن لهذه النتيجةأيما حزن وغدت حياته عذاباً مستمراً، ورأى أن خير ما يكفر به عن هذا الإثم هو أن يهب كل ثروته التي جمعها من اختراع المهلكات لتشجيع أعمال السلام من علوم وفنون، وهذه المأساة المؤلمة وما يترتب عليها من العبر البالغة هي التي يريد مخرجو الشريط الجديد أن يبرزوها للناس
والظاهر أن التعاون بين السينما والتاريخ لن يقف عند تمثيل الحوادث التاريخية وإخراجها على هذا النحو، وانه لن يمضي وقت طويل حتى تقوم السينما بدور أهم في خدمة التاريخ؛ ففي باريس يعرض الآن شريط مصور (فلم) عنوانه (السينما في خدمة التاريخ) وهو عبارة عن شرح مصور لأشهر الحوادث التاريخية التي وقعت في الثلاثين عاماً الأخيرة، ومادته مأخوذة من الصور المعاصرة التي سجلت عن هذه الحوادث نفسها. ومعنى ذلك أن المؤرخ قد يرى في الغد القريب في السينما نوعاً من المحفوظات التاريخية التي يمكنه أن يرجع إليها ليحقق بعض المناظر والحوادث. ولا ريب أن تسجيل الحوادث بطريق التصوير وسيلة مؤكدة لإجراء مثل هذا التحقيق؛ وفي وسع المؤرخ أن يعتمد كثيراً على