صنَّف في أكثر من فن من فنون العربية، وهذا كتابه (الفروق اللغوية) يبحث في الفرق بين الألفاظ التي تؤدي معاني متقاربة، والتي يسميها علماء اللغة مترادفات، وهو في هذا الكتاب يقرر مذهباً في اللغة:(أن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني وعين من الأعيان في لغة واحدة، فان كل واحد منهما يقتضي خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلا لكان الثاني فضلا لا يحتاج إليه. . . لأن في ذلك تكثيرا للغة بما لا فائدة فيه. . . إلا أن يجئ ذلك في لغتين، فأما في لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما ظن كثير من النحويين واللغويين. . .)
فهو يرى كل لفظين مما نسميه مترادفاً، يختلفان في المعنى، أو في الصفة، أو الاستعمال. أو الاشتقاق. . . وتراه على هذا المذهب يسير في كتابه، يبين الفرق بين اللفظ ومرادفه، في أبواب مقسمة على معاني الكلمات، تريك دقة أبي هلال، وسعة علمه، وصدق نظره في فقه اللغة العربية، والكتاب كله أمثلة على ما ذكرت ولو أن كاتباً من أبلغ أدباء هذا الزمان، عرض كلامه على كتاب (الفروق اللغوية)، لبانت له قيمة ما يكتب بازاء ما يجب أن يكتب، ولعرف مقداره بين كتّاب العربية حين يعرف أين عربيته من العربية الصحيحة. وهذا وحده الدليل كلُّ الدليل على جدوى هذا الكتاب في كل زمان، لا سيما هذا الزمان!
٣ - معجم الشعراء:، ٤ - المؤتلف والمختلف
يعترض القارئ في أثناء مطالعته في الأدب القديم، أسماء شتى لشعراء من مختلف العصور، فتختلف عليه، وتَشْعَب فكره، وتتشابه في مسمعه، ويا أكثر ما يشترك شاعران أو أكثر في اسم واحد، فتتداخل الصور وتزدحم عليه، فما يتأنى له أن يحكم حكمه في موضوعه، أو يتضح له منهاج بحثه، إلى أن يعرف ترجمة كل شاعر من هؤلاء، معرفة تحدد في الذهن صورته وتكشف عن ابهامه، وسبيل هذه المعرفة لا تكون إلا بمثل هذين الكتابين
والمرزباني والآمدي عَلمان من أعلام القرن الرابع الهجري، لهما في الأدب العربي فكر وفنٌ وبيان
والكاتبان على ما اختلفا في الغرض يلتقيان في الموضوع، فأوّلهما يترجم لشعرائه ترجمة تعرّف بهم في إيجاز مفيد مع استشهاد رائق، على أن الذي بين يدينا من كتابه هو جزء