للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تنمو إلا في أجسام حية، فلعلها آذن تتطفل على هذه الأجسام، وعلى إذن أن أجهز لها طعاماً أقرب ما يكون إلى مادة جسم الحيوان).

هكذا اكتشف كوخ طعامه الشهير - فالوذ مصل الدم اكتشفه طعاماً لكل مكروب أرستقراطي مترف يعاف طعام السوق ' طعاماً لكل مكروب أرستقراطي مترف يعاف طعام السوقة من المكروبات، وذهب إلى القصابين وجاء منهم بدم طازج من أبقار قتلت لوقتها، فلما أنجمد وتجبن، شققه، فسال منه عصير زلالي يضرب إلى صفرة التبن. ثم سخن هذا المصل بمقدار يقتل ما سقط فيه من مكروبات الهواء الضالة، ثم صبه على حذر في عشرات من أنابيب اختبار ضيقة، أمالها في مواضعها إمالة كبيرة ليتسع سطح المصل الذي بها، فعلى هذا السطح سيبسط مادة المكروب. ثم سخن الأنابيب وهي على ميلانها تسخيناً يكفيلانعقاد مصلها وتحوله إلى مزاج فالوذي جامد جميل في روقانه.

ومات في صباح هذا الغد خنزير غيني خرمه السل تخريماً، فشرحه واستخرج منه درنة أو درنتين، نشرهما بعود من البلاتين على سطح فالوذ المصل وهو ندى، وانتقل منأنبوبة إلى أخرى حتى لقح الجميع. ثم استنشق نفساً كبيراً، ثم زفر زفرة طويلة فكأنما نفض فيها الهم الذي ملأه في هذه العسلية الدقيقة وقد نجحت بعد خشية الزلل، وقام كوخ فأخذ الأنابيب فوضعها في مدفأ درجة حرارته تعدل تماماً تلك التي في جسم الخنزير الغيني ومضت أيام ذهب كوخ فيها كل صباح إلى هذا الفرخ الدافئ، ورفع أنابيبه إلى نظارته في إطارها الذهبي، وحدق فيها وحملق، ولكنه لم ير شيئاً. قال كوخ: (هذه خيبة أخرى! كل المكروبات التي زرعتها تكاثرت في يومين، وهذا هو اليوم الرابع عشر، فما لهذا المكروب التعس لا يتكاثر أبداً. . .) لو أن رجلاً غير كوخ صادف ما صادفه من الخيبات لكب أنابيبه وسكب مصله، ورجع عما قصد إليه. أما كوخ طبيب القرية الأشوع، فله شيطان يحفزه ويغريه، فقام عندئذ يوسوس إليه من وراء عاتقه: (صيراً سيدي صبراً. أنسيت أن جرثومة السل بطيئة تستغرق في قتل الرجال الأشهر والسنين. فلعلها أذن بطيئة كذلك في تكاثرها في مصل أنابيبك) فأستمع كوخ لشيطانه، فلم يرم بأنابيبه وأمصاله، واستمهلها لليوم الخامس عشر. فلما كان صباحه نزل إلى مفرخة فوجد الفالوذج المصل قد تبعثرت على سطحه الناعم حبات صغيرة لامعة. فمد كوخ يده في لهفة إلى جيبه يستخرج منه عدسته وألصقها

<<  <  ج:
ص:  >  >>