العروس بأصناف الحلي حتى ينالها من ذلك مكروه في نفسها. . . ولن تجد أيمن طائراً، وأحسن أولاً وآخراً، وأهدى إلى الإحسان، وأجلب للاستحسان، من أن ترسل المعاني على سجيتها، وتدعها تطلب لأنفسها الألفاظ، فإنها إذا تركت وما تريد لم تلبس إلا ما يليق بها، ولم تلبس من المعارض إلا ما يزينها. فأما أن تضع في نفسك أنه لابد من أن تجنس أو تسجع بلفظين مخصوصين فهو الذي أنت منه بعرض الاستكراه وعلى خطر من الخطأ والوقع في الذم الخ. (وبعد) فإن الكلام في هذا الموضوع يطول، ولنجتزئ بهذا المقدار. والآن، إلا يسمح لنا القارئ بأن نعرض عليه شيئاً من منظوم الفتح ومنثوره؟ وأنت تعلم أن شعر الكتاب في الأعم الأغلب إن هو إلا مقطعات من جهة، وليس من النسق العالي كشعر فحول الشعراء من الجهة الأخرى. ومن ثم كان ما رأيناه من شعر الفتح على قلته شعراً وسطاً كما قال لسان الدين بن الخطيب. فمن شعره مما لم يرد في كتبه:
لله ظبي من جنابك زارني ... يختال زهواً في ملاء ملاح
ولي التماسك في هواه كأنه ... مروان خاف كتائب السفاح
فخلعت صبري بالعرا ونبذته ... وركبت وجدي في عنان جماح
أهدي لي الورد المضعف خده ... فقطفته باللحظ دون جُناح
وأردت صبراً عن هواه فلم أطق ... وأريت جدا في خلال مزاح
وتركت قلبي للصبابة طائراً ... تهفو به الأشواق دون جَناح
ومنه قوله وقد أورده في قلائد يخاطب أبا يحيى بن الحاج:
أكعبة علياء وهضبة سؤدد ... وروضة مجد بالمفاخر تمطر
هنيئاً لملك زار أفقك نوره ... وفي صفحتيه من مضائك أسطر
وأين لخفاق الجناحين كلما ... سرى لك ذكر أو نسيم معطر
وقد كان واش هاجنا لتهاجر ... فبت وأحشائي جوى تتفطر
فهل لك في ود ذوى لك ظاهراً ... وباطنه يندى صفاء ويقطر
ومن منثوره مما لم يرد في القلائد ولا في المطمح قوله:
معاليك أشهر رسوماً، وأعطر نسيماً، من أن يغرب شهاب مسعاها، أو يجدب لرائد مرعاها، فان نبهتك فإنما نبهت عمرا، وإن استنرتك فإنما أستنير قمراً؛ والأمير أيده الله