حركة. وما كدت أعجب لهذا حتى عجبتُ لأكثر منه إذ علمت أنه هو الداعي إلى هذا المؤتمر.
وساد الكون فترة ثم وقف قلب الشاعر يقول: دعوتكم إلى هنا اليوم يا إخواني لأنادي فيكم بالوئام فهل أنتم مجيبون؟ إذا كان ذلك، وما أظن إلا ذلك، فلنجمع إذاً أمرنا على إقرار المحبة، وتبادل الوداد والإخلاص بيننا؛ ولنترك إذن كل ما يتعلق في أهداب الحياة من المساوئ والمكارة التي إذا وقع أحدنا في إحداهاوقعفي أخس الصفات وبات مذموماً ممقوتاً؛ ولنتنصُّل إذن من شئ بغيض اسمه البغض، ومن شئ كريه اسمه الكراهية؛ ولنتجنب الوضاعة في تجنب الحقد، ولننبذ الأنانية في نبذ الحسد. ْ
لنشرع لنا يا إخوتي سنناً جديداً، ونمشي في نوره إلى المثل الأعلى لنقاوة القلوب. كونوا جميعاً عصبة واحدة كلمتها الدائمة: نحن إخوة فليس بيننا إلا مافي الإخاء من إخلاص ووفاء - كونوا جميعاً قلباً واحداً لا يحمل غير الأيمان والحب.
قال قلب الشيخ المصلح: أكرم بك يا قلب الشاعر!! لقد قلت ما أحب دائماً أن أقوله وأن أعمل له. إنك لصورة مني في قالب الجرأة، وأنى لصورة منك في قالب الحياء.
ثم تحول إلى الجمع وقال: أنصتوا له يا أعضاء المؤتمر، وأطيعوه، إنه يدعوكم إلى السلام.
قال قلب الشاب الساذج المغتر وهو يرقص كالطفل يرى لعبة جديدة له في يد أمه: مرحى. . . مرحى. . . جاء السلام. . . نعم السلام؛ فلنتسارع جميعاً إليه ولنستبشر بالهدوء والطمأنينة.
قال قلب الرجل المفسد: كأن لك غرضاً خفياً من وراء ندائك هذا يا قلب الشاعر!! فأنت تدعونا الآن إلى الانصراف عما خلقنا له من عمل وجهاد، والركون إلى ما خلقنا لنحاربه من خمود واستسلام.
قال قلب الشاعر: صه يا هذا القلب المتكلم. . . ماذا في السلام من الخمود والاستسلام؟ وهل معنى العمل والجهاد أن نتسابق في الضغائن والأحقاد؟ أعملوا وجاهدوا ولكن فيما فيه الخير والنفع تعيشوا في حدود السلام سالمين.
قال قلب المفسد: وكيف نسلم إذا كانت نواميس الطبيعة تحتم علينا إن تختلف طباعُنا، فنختلف بها، فيأخذ كل منا منهجاً لنفسه، فتتعدد الأحوال بتعدد المناهج، فتنجم المشاكل