للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتخلق العناد، وتستلزمالعمل والجهاد.

قال قلب الشيخ المصلح: ما أخطرك أيها القلب على كل محيط تندس فيه!! إنك لخبيث وتدافع عن الخبث بقوة هي فجور الخبث وتسلطه وانتقاله من طور الداء إلى طور الوباء.

لماذا لم يتكلم غيرك منابذاً دعوة السلام، محاولاً تفنيد الرسالة التي حملها ألينا قلب الشاعر؟ ولماذا لم تبدر من غيرك نذر الخلف ووسائل الشر؟ أليس هذا لأنك مجبول على الخسة وحقارة المبدأ؟. . . ما أقل شأنك عند الله، وماأبعدك عن رحمته، وما أحقك بأن تكون سخرية لكل ساخر!.

قال قلب الشاعر: لقد فسد خلقه، ثم أعلن في هذا المؤتمر فساده، ثم دافع عنه الصلاح، ثم أرادأن يجعله نهجاً نتسقل فنعمل به جميعاً. . . ليس بعد هذا حضيض لمنحط، أو قرار لنازل من مستوى الآدميين على دركات منها الوقيعة، ومنها النميمة، ومنها الدس، ومنها الرياء؛ وآخرها التبجح في كل ذلك!! أخرجوه عنا وأبعدوه.

فانقضضنا عليه وطردناه، وكان كل منا يشعر إذ ذاك بأن هذا القلب رذيلة تتحكك به، فاتحد شعورنا فشعرنا كلنا بأنه رذيلة تريد أن تسلك سبيلها المظلم في المجتمع، فوجب علينا أن نصدها، بل وجب علينا أن نمحوها. . . ولما طرد من بيننا ذلك القلب الشرير، أو ذلك الشر المتسلط، أو ذلك الخطر المتسلل، أسوأ الطرد كانت لا تزال بيننا قلوب من طبقته، تعمل على شاكلته، فتوجست خيفة، وتضاءلت، والتمست النجاة، وانتدحت المخابئ. ولكنها كانت مع هذا حريصة على أن تظل مدسوسة في المؤتمر، أو مخبوءةفي مسمع مما يدور فيه لتشبع غريزة الحب الاستطلاع التي هي إحدى لوازم عملها، وإحدى دعائم حياتها.

وعرفناها فألحقناها بزميلها الذي فضح نفسه حين تكلم، فكان شراَ على نفسه حين أراد أن يكون شراً علينا، وانقلبت عليه سيئات ما عمل قبل أن تصل إلينا.

ووقف قلب الشاعر يكرر نداءه، ويستكمل رسالته ويقول: أحسب الآن أننا نجونا من الرذائل بطرد دعاتها ومحبذيها، وأعتقد أننا سنحارب القلوب المضرة ما استطعنا حتى تصير مثلنا أو تنقرض، وأن كلاً منا قد آمن بنعمة السلام، وأننا قد أصبحنا أخوة، ولكن تظل أخوتنا ناقصة حتى نسبغ عليها شيئاً ضرورياً لها هو روح الاخوة. . . فينظر بعضنا إلى بعض دائماً نظرة الاحترام الخالية من الاستصغار أو الاستنكار أو الاستهتار، فليكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>