وإذا أنا استبعدت النقد فليس ذلك لأنني أخرجه عن معنى الإنتاج، أو لأنني أتمثله ضعيف الشأن في تمويننا بالغذاء الفكري وانما استبعده لأنه مرهون بالخلق ومن أجل ذلك كان النقد الذي أينعت أثماره في مصر هو ذلك النقد للإنتاج الأوروبي وللإنتاج العربي القديم. أو ذلك النوع من النظرات العامة التي تتلمس أوجه النقص والكمال فيما لدينا من إنتاج لترسم صورته الحقيقية جميلة كانت أو قبيحة.
وقد ظهر أخيراً كتاب أهل الكهف لتوفيق الحكيم وهو من نوع الإنتاج الذي أقصده. ولا أذكر كتاباً قابله النقد في مصر بعناية وتقدير بمثل ما قوبل به هذا الكتاب ولست أتعرض هنا لنقده بعد أن وفاه حقه الدكتور طه حسين والأساتذة مصطفى عبد الرزاق والمازني وهيكل بك ومحمد علي حماد وغيرهم من فضلاء الكتاب.
ذلك أن مؤلف أهل الكهف صديقي ربما كان تقدمي لنقد كتابه (والأمر كذلك) مثيراً لريبة مشروعة. وهل هناك من شك في إنني سوف أحيط كتابتي بإطار من العطف الذي تبرره شريعة الصداقة، أو ليست الصداقة في بعض وجوهها نوعا من التعاون الخالص وضرباً من التنابذ في سبيل النجاح!
وإنما حلا لي أن اكتب عن تاريخ حياة هذا الكتاب. وقد قدرت في تلك الصداقة التي كانت تلقي الريبة على نقده تزكية لا غبار عليها للكتابة عن تاريخ حياته، وما تاريخ حياته الا وجه من تاريخ حياة مؤلفه وقطعة من شخصيته لعلي أجدر الناس بالكتابة عنهما.
منذ عشر سنوات خلت كان توفيق الحكيم طالبا في مدرسة الحقوق ومؤلفا مسرحياً ملحقاً بمسرح حديقة الازبكية، وقد تقدم إلى هذا المسرح في روايات عدة بعضها مؤلف وبعضها مقتبس عن المؤلفات الأوروبية. وقد قرأت هذه الروايات في ذلك الوقت وكنت عندئذ هاويا لكل ما يتعلق بالمسرح. وكان من بين هذه الروايات رواية مؤلفة عنوانها (المرأة الجديدة) وموضوعها مشكلة المرأة في الجيل الحالي وقد لاقت هذه الرواية من النجاح ما لاقت، وقد يكون دون ما تستحق وقد لا يكون، وقد لا يزال توفيق الحكيم ينظر إلى رواياته الأولى بعين لا تخلو من الحنو والعطف وقد يكون هذا الشعور مفهوما من جانبه، أو ليست أعمال الشخص كأطفاله إذا حظى السليم منها بالحب أختص العاطل منها بالعطف والحنان!
وكنت انظر حينئذ إلى توفيق الحكيم بعين الأمل، ذلك إنني كنت أراه منصرفا إلى فنه تمام