للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يحفل بالشراء. بيد أنه إذا سرقه كانت قيمته عنده من عقله وحيلته فيجيئه بلذة لا تشتريها كل أمواله ولا كل أموال الدنيا. فهذا جنون باللذة لا بالسرقة وهو بذلك ضرب من العشق يجعل الشيء إذا لم يسرق كأنه المرأة المعشوقة الممتنعة على عاشقها

والجياع إذا سرقوا ليأكلوا ويمسكوا الرمق على أنفسهم، لا يقال في لغة الفلسفة إنهم سرقوا بل أخذوا. . . فباضطرار جاعوا وباضطرار مثله أكلوا، والسارق هنا هو الفتى الذي منعهم الإحسان والمعونة. . .

فالدنيا معكوسة منقلبة أوضاعها يا أرسطو، ولو استقامت هذه الأوضاع لوجدت السعادة في الأرض لأهل الأرض جميعاً. وكيف لك بالسعادة والناس مخلوقون بعيوبهم؟ ويا ليتهم مخلوقون بعيوبهم فقط، ولكن الطامة الكبرى أن عيوبهم تعمل دائماً على أن ترى في الآخرين عيوبا مثلها

كل حمار فهو يريد أن يملأ جوفه تبناً وفولا وشعيراً، غير أني لم أر حماراً قط يريد أن يملأ لنفسه الإسطبل، فإذا وجد حمار هذه همته وهذا عمله فأسمه إنسان لا حمار. . . .

يا أرسطو إن معضلة المعضلات أن يحاول إنسان حل مشكلة داخلية محضة قائمة في نفس حمار أو ثابتة في ذهنه الحماري؛ ومثل هذا أن يحاول حمار حل مشكلة نفسية في ذهن إنسان أو في قلبه؛ فلا حل لمشاكل العالم أبدا ما دام كل إنسان مع غيره كحمار مع إنسان. . . .

والمعضلات النفسية من عمل الشياطين فكان ينبغي أن تجيء الملائكة لتحارب الشياطين بالبرق والرعد دفاعاً عن الإنسانية؛ ولكن الله تعالى منعها وأرسل للإنسان ملائكة أخرى إن شاء هذا الإنسان عملت، وإن شاء عجزت؛ وهي فضائل الأديان المنزلة فإذا منحها الإنسان إرادته وقوته فعملت عملها كان الإنسان هو الملك بل فوق الملك، وإذا أضعفها ومحقها كان الإنسان وهو الشيطان وأسفل من الشيطان

يا أرسطو (هذا العالم عندي كتلة من العدم اتفقت على الظهور وستختفي. والعالم عندي ضعف ركب وقوة ركبت. والعالم عندي لا شيء. والعالم بين بين. والعالم قسمان. منهم الفلاح الزراعي وذلك أفضل فلسفة طبيعية. . . والعالم في حاجة إلى الموت والموت في حاجة إليه. والأدب هو الحياة ولا حياة بلا أدب. والأدب ضربان: أدب نفساني وأدب

<<  <  ج:
ص:  >  >>