وهفا بالفؤاد في سلسبيل ... ظمأ للسواد من (عين شمس)
أحرامٌ على بلابله الدَّوْ ... ح حلال للطير من كل جنس
كلِ دار أحق بالأهل إلاّ ... في خبيث من المذاهب رجس
وهنا قد يخطر بذهنك أن تسأل عن العوامل المؤثرة في شعر شوقي هذا الأثر الظاهر، وميزته من شعر البارودي هذا التمييز الواضح، وجعلتْه فياضاً بهذه العاطفة القومية، مفعما بتلك الاحساسات الوطنية، فلا تكاد تقرأ قصيدة من قصائده خالية من ذكر مصر والفخر بماضيها، والألم لحاضرها والأمل القوي في مستقبلها؛ ولا تبعد عن الحق كثيرا ً إن قلت إن شوقي لم يجد إجادة تامة إلا في هذه الأغراض؛ وأقول في جواب هذا السؤال إن سر ذلك يرجع إلى مخالطة شوقي لزعماء الوطنية المصرية وصلته القوية بهم، وحرصه على توثيق أسباب المودة بينه وبينهم، وملازمته لمجالسهم بالليل وانهار، فلا عجب إن شاركهم بعد ذلك في الآراء والأفكار، وشاطرهم في الآمال والأوطار. . .
أضف إلى ذلك خدمته الطويلة للخديو السابق عباس الثاني؛ وقد كان من كراهته للمحتل الغاصب، وحبه الاستقلال بالسلطة والانفراد بالحكم، ما هو معروف مشهور
وهذا جواب إجمالي أرجئ تفصيله إلى فصل آخر عند الكلام على شاعرية شوقي