هؤلاء السَّحرةُ الصغار الذين يخرجون لأنفسهم معنى الكنز الثمين من قرشين. . .
ويسحرون العيد فإذا هو يومٌ صغير مثلهم جاء يدعوهم إلى اللَّعِب.
وينتبهون في هذا اليوم مع الفجر، فيبقى الفجرُ على قلوبهم إلى غروب الشمس.
ويُلْقُون أنفسهم على العالَم المنظور فيبنون كلَّ شيء على أحد المعنيين الثابتين في نفس الطفل: الحبْ الخالص، واللهو الخالص.
ويبتعدون بطبيعتهم عن أكاذيب الحياة، فيكون هذا بعينه هو قربهم من حقيقتها السعيدة.
هؤلاء الأطفال الذين هم السهولة قبل أن تتعقد.
والذين يرون العالم في أول ما ينمو الخيالُ ويتجاوزُ ويمتدْ يفتَّشون الأقدارَ من ظاهرها؛ ولا يَسْتَبْطِنون كيلا يتألموا بلا طائل.
ويأخذون من الأشياء لأنفسهم فيفرحون بها، ولا يأخذون من أنفسهم للأشياء كيلا يوجدوا لها الهمْ.
قانعون، يكتفون بالثمرة؛ ولا يحاولون اقتلاع الشجرة التي تحملها.
ويعرفون كُنه الحقيقة، وهي أن العِبرة بروُح النعمة لا بمقدارها. . . .
فيجدون من الفرح في تغيير ثوبٍ للجسم، أكثر مما يجده القائدُ الفاتحُ في تغيير ثوبَ للمملكة.
هؤلاء الحكماءُ الذين يشبه كلٌّ منهم آدمَ أولَ مجيئه إلى الدنيا.
حين لم تكن بين الأرض والسماء خليقةٌ ثالثة معقدة من صنع الإنسان المتحضَّر.
حكمتُهم العليا: أن الفكر الساميَ هو جعلُ السرور فكرا وإظهارُه في العمل.
وشِعورهم البديعُ: أن الجمالَ والحبْ ليسا في شيء إلا في تجميل النفس وإظهارها عاشقة للفرح.
هؤلاء الفلاسفةُ الذين تقوم فلسفتهم على قاعدة عملية، وهي أن الأشياء الكثيرة لا تكثر في النفس المطمئنة.
وبذلك تعيش النفسُ هادئةً مستريحةً كأن ليس في الدنيا إلا أشياؤها الُميسرة.
أما النفوسُ المضطربةُ بأطماعها وشهواتها فهي التي تبتلي بهموم الكثرة الخيالية.
ومثَلُها في الهمْ مَثَلُ طُفيليْ مغفَّلٍ يحزن لأنه لا يأكل في بطنين.