وإذا لم تكثر الأشياءُ الكثيرةُ في النفس، كثرت السعادة ولو من قلة.
فالطفلُ يقلَّب عينيه في نساءٍ كثيرات، ولكن أمَّه هي أجملهن وإن كانت شو هاء.
فأمه وحدها هي أمُّ قلبه، ثم لا معنى للكثرة في هذا القلب هذا هو السرُّ؛ خذوه أيها الحكماءُ عن الطفل الصغير!
وتأملت الأطفال وأثر العيد على نفوسهم التي وسعت من البشاشة فوق ملئها.
فإذا لسانُ حالهم يقول للكبار: أيتها البهائم اخلعي أرسانك ولو يوماً. . . . . . . . .
أيها الناسُ انطلقوا في الدنيا انطلاقَ الأطفال يُوجدون حقيقتهم البريئة الضاحكة.
لاكما تصنعون إذ تنطلقون انطلاقَ الوحش يُوجد حقيقتَه المفترسة.
أحرارٌ حرية نشاط الكون ينبعث كالفَوضى ولكن في أدقْ النواميس.
يثيرون السخط بالضجيج والحركة، فيكونون مع الناس على خلاف لأنهم على وفاق مع الطبيعة.
وتحتدم بينهم المعارك ولكن لا تتحطم فيها إلا اللعب. . . .
أما الكبارُ فيصنعون المدفعَ الضخَم من الحديد للجسم اللّين من العظم.
أيتها البهائمُ اخلعي أرسانك ولو يوماً. . . .
لا يفرح أطفال الدار كفرحهم بطفل يُولد؛ فهم يستقبلونه كأنه محتاجٌ إلى عقولهم الصغيرة.
ويملؤهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر الخلق لقربهم من هذا السر.
وكذلك تحمل السنة ثم تلد للأطفال يوم العيد؛ فيستقبلونه كأنه محتاج إلى لهوهم الطبيعي.
ويملؤهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر العالم، لقربهم من هذا السر.
فيا أََسَفَا علينا نحن الكبار! ما أبْعَدَنا عن سرْ الخَلْق بآثام العمر!
وما أبعدنا عن سِر العالَم بهذه الشهوات الكافرة التي لا تؤمن إلا بالمادة!
يا أسفَا علينا نحن الكبار! ما أبعدنا عن حقيقة الفرح! تكاد آثامنا والله تجعل لنا في كل فَرْحَة خَجْلة. . .
أيتها الرياض المنوِّرةُ بأزهارها!
أيتها الطيور المغرِّدة بألحانها!
أيتها الأشجار المصفِّقة بأغصانها!