ذلك حفلة ألعاب يشترك فيها أبطالهم، ويساهم فيها الجندي الصغير إلى جانب القائد العظيم، وقد يفوز عليه فينال الجائزة من دونه، وكانوا يعدون هذه الحفلة تتمة للجناز لا يكمل إلا بها؛ فلما انتهوا من إقامة الشعائر الدينية للشهيد الكبير نهض أخيل فأعلن القوم ببدء حفلة الألعاب، ثم دعا للمشاركة في سباق العربات الحربية، وعدّد الجوائز فذكر أن للفائز الأول غانية من أبرع غانيات طراودة جمالاً، وأوفرهن حسناً، وأنبغهن في القيام بشؤون المنزل، ثم آنية عظيمة من الذهب الخالص، غالية الثمن، عالية القيمة، لا تقدر بمال لما بذل في زخرفتها ونقشها من فن، وما أضفي عليها من عبقرية. وأن للفائز الثاني مُهرةً صافناً تسبق الريح وتلحق البرق؛ وللثالث كوباً من الفضة الناصعة، عظيم القدر، غالي الثمن. وللرابع بدرتين من الذهب الأبريز. وللخامس إبريقاً فضياً للخمر، وكأسين للشراب. . . .
وأشترك في هذا السباق لهاذم أبطال الإغريق، وصناديدهم الصيد؛ وكان أول من نزل إلى الحلبة يوميلوس الملك أبن أدميتوس العظيم، وتلاه ديوميد الحلاحل أبن تيديوس؛ ثم منالايوس سليل السماء، وفرع الآلهة بن أتريوس الكبير؛ وكان رابعهم أنتيلوخوس المشهور بن نسطور الحكيم، الذي أخذ أعين القوم بقامته السامقة، وعودة اللدن، وقوامه الأهيف السمهري الممشوق، والذي تقدم إليه أبوه فقبّله في حر الجبين، وزوده بنصائحه الغوالي؛ وكان خامسهم مريونيس الهائل، صاحب الذكر البعيد والشأو الرفيع في كل مثار نقع وفي كل ميدان.
وكان على الفارس العظيم فونيكس أن يلاحظ السباق، فكان في مركزه هذا حكماً عدلاً وقاضياً ماهراً. . . .
وأعطى أخيل الإشارة. . . فانطلقت الجياد تزلزل الأرض، وتثير عجاجة قاتمة من ثرى الميدان، وتضرب الصخر بحوافرها فينقدح الشرر، ويميد جانب الجبل، وتتصل أبصار القوم بالريح الذي يتعثر في أدبار الخيل، ويتحسس كل منهم قلبه، متمنياً قصب السبق لصاحبه الذي هو من شيعته. . . ثم. . . تتدخل الآلهة في هذا اللهو البريء فتغير دفة المقادير، وتتحمس مينرفا للبطل العظيم ديوميد، حينما ينزع أبوللو السوط من يده ويلقي به إلى الأرض، فتعيده إليه؛ وتلحظ أن أبوللو يصنع هذا ليظفر يوميلوس ويفوز بالسبق، فتذهب من فورها إلى أبن أدميتوس وتنزع إحدى عجلتي عربته، فيهوى البطل ويوشك