للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولعل من العجب أن يقيم حضرة الناقد عاصفة حول اختلاف المؤرخين في وصف (وهرز) قائد الحملة الفارسية على اليمن، وهل حاجباه هما اللذان سقطا من الكبرأوأن جفنيه انطبقا أحدهما على الآخر من الكبر!! فالمسألة - كما يرى القارئ - مسألة شكلية خلافية بين المؤرخين، ومؤداها - على كل حال - أنه بلغ من الكبر عتياً، فلا تستحق كل هذا الجهد.

ص٦١ - ٦٢ - يأخذ الناقد علينا أننا استعملنا لفظاً أجنبياً لنظام عربي، وأن التنظير بين بلاد العرب وبين شبه جزيرة قرشقة يبدو غريباً ونابياً. والمنصف يقدر لنا رغبتنا في عدم إيقاع القارئ في لبس، خصوصاً إذا لم يكن قد قرأ شيئاً عن هذا النظام الذي كان سائداً في جزيرة قرشقة منذ مئات السنين؛ وقد سلكنا هذا المسلك عينه في كتابنا (الفاطميون في مصر وأعمالهم السياسية والدينية بوجه خاص) (ص٢٣) الذي قامت وزارة المعارف بطبع ترجمته العربية على نفقتها سنة ١٩٣٢.

ص٦٨ - هوّل الأستاذ الناقد تهويلاً عظيماً فيما جاء بسياق كلامنا عن قريش (أنهم اتخذوا جزءاً من الأرض أولوه احترامهم وبنوا به بيتاً حراماً لا يحل فيه القتال وأخذوا على عاتقهم حمايته) مستنداً في مأخذه على أن إبراهيم الخليل هو باني الكعبة، وأن قريش كانت تحتمي بالبيت الحرام.

ويقيننا أن حضرة الناقد، إذا رجع إلى كتب التأريخ والسير والحديث، عثر على ما يناقض استناده - ولو إلى حد كبير. فكما أنه لا يشك مسلم في أن إبراهيم هو أول من بنى الكعبة بنص الكتاب الكريم، كذلك لا يشك مؤرخ في أن الكعبة قد هدمت بعد هذا مرات بفعل السيول أو النار، وأنها بنيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت سنة خمسة وثلاثين، وأنه هو الذي وضع بيده الكريمة الحجر الأسود وفض بذلك النزاع بين المتزاحمين؛ ولا يشك محدث أن الرسول قال لعائشة: (لولا أن قومك حديثو عهد بالكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم)، وأن عبد الله بن الزبير هدمها أبان خلافته وبناها على أساس قواعد إبراهيم، مستنداً إلى الحديث السابق، فأتى الحجاج بعد هذا وأعادها إلى ما كانت عليه في عهد الرسول.

أما مسألة الاحتماء بالبيت الحرام أو حمايته، فليبس فيها فارق كبير إذا اعتبرنا الاحتماء للأفراد والحماية للجماعات. وقد حصل في قصة أبرهة الحبشي ما يؤيد ذلك، على أننا قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>